
المصطفى الجوي – موطني نيوز
لم تعد بنسليمان تلك المدينة الهادئة التي عرفناها يوماً. ما نراه اليوم يدمي القلب ويثير الحسرة في النفوس. فوضى عارمة تجتاح شوارعها، وعشوائية مستفحلة تنهش جسدها، وسلطات محلية تقف متفرجة على مشهد انهيار مدينة بأكملها. ولعل المشهد الصارخ الذي نراه اليوم أمام مسجد حي القدس لخير دليل على حجم الكارثة التي تعيشها المدينة.
مسجد حي القدس، ذلك المكان المقدس الذي من المفترض أن يكون واحة للسكينة والخشوع، تحول بقدرة قادر إلى سوق عشوائي تعج أرجاؤه بالباعة المتجولين ومكبرات الصوت الصاخبة. وكأن هذا الانتهاك لحرمة المسجد لم يكن كافياً، نرى سيارة سوداء تتحدى كل القوانين والأعراف، متوقفة بشكل مخالف فوق الرصيف المخصص للمارة، تعرقل حركة المصلين الذين لم يجدوا مفراً من أداء صلاتهم خارج المسجد لضيق مساحته.
هذا المشهد المؤلم ليس سوى غيض من فيض. فالأسواق العشوائية باتت تغزو كل شبر في المدينة، مستغلة حالة “السيبة” – كما يصفها السكان المحليون بمرارة. كل بقعة فارغة في المدينة أصبحت هدفاً محتملاً للاحتلال العشوائي، وكأن القانون أصبح حبراً على ورق، والنظام العام مجرد ذكرى من الماضي الجميل.
والسؤال الذي يؤرق كل غيور على هذه المدينة: من المستفيد من كل هذه الفوضى؟ ولماذا هذا الصمت المريب من طرف السلطات المحلية؟ هل هو عجز عن مواجهة الواقع أم تواطؤ ضمني مع حالة الفوضى؟ وإلى متى سيستمر مسلسل تدهور مدينة كانت ذات يوم مثالاً للنظام والجمال؟
إن الوضع في بنسليمان يستصرخ ضمير كل مسؤول وكل مواطن غيور على مدينته. فالمدينة تئن تحت وطأة الفوضى، وصرخات سكانها تتعالى يوماً بعد يوم، منددة بحالة التسيب التي تنخر جسد المدينة. لقد آن الأوان لوقفة جادة وحازمة لإنقاذ ما تبقى من هيبة المدينة وجمالها.
نقولها بصوت عالٍ ونتحمل كامل المسؤولية: مدينة بنسليمان تحتضر. لم يعد هناك من يحكمها أو يدافع عن مصالحها. تحولت إلى ساحة مفتوحة لكل مظاهر الفوضى والتخلف. إنها صرخة مدوية في وجه كل المسؤولين: أنقذوا بنسليمان قبل فوات الأوان. فإما أن نتحرك اليوم بحزم وجدية لإعادة النظام إلى ربوع المدينة، وإما أن نشهد بأعيننا انهيار مدينة بأكملها تحت وطأة الفوضى والعشوائية.