المصطفى الجوي – موطني نيوز
تشكل العقوبات البديلة في التشريع الجنائي المغربي خطوة متقدمة نحو تحديث المنظومة العقابية وإنسانيتها. إلا أن تطبيق هذا النظام يواجه تحديات جوهرية تستدعي وقفة تأملية لتقييم واقعه وآفاقه.
فعلى المستوى التشريعي، يلاحظ المتتبع قصوراً واضحاً في المنظومة القانونية المؤطرة للعقوبات البديلة. فرغم التنصيص عليها في القانون الجنائي، إلا أن غياب نصوص تنظيمية دقيقة يحول دون تفعيلها بالشكل المطلوب. كما أن عدم وجود دلائل إجرائية واضحة يترك المجال واسعاً للاجتهادات المتضاربة.
أما على الصعيد المؤسساتي، فإن ضعف البنية التحتية وقلة الموارد البشرية المؤهلة يشكلان عائقاً حقيقياً. فالإشراف على تنفيذ العقوبات البديلة يتطلب كفاءات متخصصة وتنسيقاً محكماً بين مختلف المتدخلين، وهو ما لا يتوفر حالياً بالقدر الكافي.
ولعل من أبرز التحديات التي تواجه نظام العقوبات البديلة المقاومة المجتمعية. فالنظرة التقليدية للعقاب كإجراء زجري محض تجعل من الصعب تقبل فكرة العقوبات البديلة. هذا فضلاً عن تردد المؤسسات في استقبال المحكوم عليهم، مما يحد من فرص إعادة إدماجهم.
وتأتي التحديات المالية لتعمق الإشكال، إذ أن تنفيذ برامج العقوبات البديلة يتطلب موارد مالية معتبرة لتغطية نفقات التأطير والمتابعة والتقييم. وفي ظل محدودية الميزانيات المخصصة، يصعب ضمان النجاعة المطلوبة.
وفي ظل هذا الواقع، يبدو من الضروري اتخاذ مجموعة من التدابير العاجلة. أولها إصدار نصوص تنظيمية شاملة تؤطر تنفيذ العقوبات البديلة وتحدد مسؤوليات كل متدخل. كما يتعين تعزيز قدرات العاملين في هذا المجال عبر برامج تكوينية متخصصة.
ومن جهة أخرى، لا بد من إطلاق حملات توعوية واسعة لتغيير النظرة المجتمعية تجاه العقوبات البديلة وإبراز دورها في إعادة التأهيل والإدماج. كما يجب تحفيز المؤسسات على المساهمة في هذا المجهود الوطني عبر منظومة تحفيزية مناسبة.
إن نجاح نظام العقوبات البديلة رهين بتضافر جهود كافة المتدخلين وتوفير الشروط الضرورية لتنفيذه. فالرهان ليس فقط تخفيف الضغط على المؤسسات السجنية، بل أيضاً ضمان إعادة إدماج فعالة للمحكوم عليهم وتحقيق الأهداف الإصلاحية للعقوبة.
إن تجاوز إكراهات العقوبات البديلة يتطلب إرادة سياسية قوية وتعبئة مجتمعية شاملة. فالمسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع لضمان نجاح هذا الخيار الإصلاحي الذي يعد مدخلاً أساسياً لتحديث السياسة الجنائية المغربية.