المصطفى الجوي – موطني نيوز
يشهد شارع بئر أنزران في مدينة بنسليمان وضعاً مأساوياً يعكس حالة من الفوضى العارمة التي باتت تهدد النسيج الحضري للمدينة بأكملها. فقد تحول هذا الشارع الحيوي، الذي كان يوماً شرياناً نابضاً للحركة التجارية والاجتماعية، إلى ما يشبه السوق العشوائي الذي تسيطر عليه مصالح فئة محدودة من التجار، وعلى رأسهم أصحاب محلات بيع مواد البناء.
لقد قام هؤلاء التجار، في تحدٍ صارخ للقانون والنظام العام، بالاستيلاء الكامل على الأرصفة من الجهتين، حتى أصبح مفهوم “الرصيف” مجرد ذكرى من الماضي. والأدهى من ذلك، أنهم لم يكتفوا بهذا التعدي، بل امتدت أطماعهم إلى التجزئة المجاورة للشارع، محولين إياها إلى مخازن لبضائعهم، في استهتار واضح بحقوق الساكنة وبالتنظيم الحضري للمدينة.
إن هذه الظاهرة، التي تنمو كورم سرطاني في جسد المدينة، لا تقتصر آثارها السلبية على المظهر الجمالي للشارع فحسب، بل تمتد لتشمل خسائر اقتصادية فادحة للجماعة المحلية. فبينما يستغل هؤلاء التجار الملك العمومي بالمجان، تخسر خزينة الجماعة مداخيل مهمة كان من الممكن أن تساهم في تنمية المدينة وتطوير بنيتها التحتية.
وما يزيد الطين بلة، هو أن هذه الفوضى الممنهجة تزداد يوما عن يوم، وغياب الإحساس بالمسؤولية. فكأن هناك تواطؤاً ضمنياً يسمح باستمرار هذه التجاوزات، التي لم تسبقنا إليها أي مدينة في حجم وحدة استفحالها.
إن الوضع الحالي في شارع بئر أنزران يمثل نموذجاً صارخاً لما يمكن أن تؤول إليه المدينة بأكملها إذا استمر هذا النهج من الاستيلاء على الملك العام. فقد أصبح المشهد اليومي للشارع يتسم بالفوضى والعشوائية، حيث تختفي معالم التنظيم الحضري لصالح المصالح الشخصية الضيقة.
ويستدعي هذا الوضع تدخلاً عاجلاً وحازماً من السلطات المختصة لإعادة النظام إلى هذا الشارع الحيوي. ويجب أن يشمل هذا التدخل فرض احترام القانون، وإعادة تنظيم استغلال الملك العام وفق ضوابط قانونية واضحة، وفرض رسوم عادلة على الاستغلال التجاري للفضاء العمومي، مع ضمان حقوق المارة والساكنة في التنقل الآمن والمريح.
ولقد سبق لموطني نيوز ان تطرق لاحدى المقاهي بنفس التجزئة التي تم الترخيص لها تحت إسم “مقهى بيار” الذي لم يتراجع صاحبها عن احتلاله للملك العام ومنع المارة من الولوج للاقواس رغم تدخل السلطة المحلية. ورغم تحذيرنا للسلطة المحلية بأن ما يقوم به صاحب المقهى هو تمويه لا غير، وماهو اليوم يستغل الاقواس بوضع حواجز بلاستيكية ويمنع حتى الرصيف.
إن مستقبل المدينة وجماليتها وتنظيمها الحضري رهين بمدى قدرة السلطات على وضع حد لهذه التجاوزات وإعادة الاعتبار للملك العام كفضاء مشترك يخدم مصلحة جميع المواطنين، وليس فئة محدودة تسعى لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة. وفي إنتظار ذلك لنا عودة للموضوع خاصة المقهى التي يتحدى صاحبها الجميع و الشاحنات التي يتم ركنها رغم وجود علامات المنع.