المصطفى الجوي – موطني نيوز
تشهد مدينة بنسليمان، التي طالما عرفت بالهدوء والاستقرار، حراكًا اجتماعيًا وسياسيًا بات يثير الكثير من الجدل والتساؤلات. هذا الحراك، الذي يظهر في صورة مطالبات واحتجاجات، يخفي وراءه الكثير من الأطماع الشخصية والمصالح الخاصة، بعيدًا عن المصلحة العامة والتنمية المنشودة. فمنهم من يريد المنحة وآخر يبحث عن أموال المبادرة وكبيرهم الذي علمهم السحر يستعد للانتخابات المقبلة.
ففي الآونة الأخيرة، شهدت المدينة العديد من الأحداث التي تبرز هذا الحراك الزائف والخبيث. فنرى البعض يختبئ وراء شعارات حزبية، وآخرون يتخفون تحت قبعات النقابات والجمعيات المدنية. الهدف الأساسي لكل هؤلاء هو تحقيق مكاسب شخصية القاصي والداني يعرفها، في مشهد يعيد للأذهان المثل المغربي الشهير “المندبة كبيرة والميت فار”. لقد تطور هذا الحراك ليشمل دعوات قضائية في المحاكم المغربية، وأسئلة كتابية في البرلمان، بالإضافة إلى بيانات وبلاغات تتناول موضوع واحد “الگرمومة” وتغليفه بقضايا سياسية وانتخابية. هذا السلوك يعكس ثقافة “أنا ومن بعدي الطوفان”، حيث يسعى كل طرف لتحقيق مصالحه على حساب المصلحة العامة للمدينة وسكانها. وطبعا لا بد لهم من مطية وطبعا سيكون الضحية هو المجلس الجماعي.
ما يثير الحزن هو متابعة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لهذا الحراك بنوع من السخرية والإزدراء لدرجة الغثيان لانهم يعلمون علم اليقين ماذا يوجد خلف التلة، إذ يدرك الجميع أن المدينة بحاجة ماسة إلى جهود حقيقية لتحسين أوضاعها التنموية. فبدلاً من البيانات والدعاوى القضائية التي لا طائل منها، كان الأولى أن توجه هذه الجهود نحو مشروعات تنموية حقيقية. فمدينة بنسليمان تعاني من نقص حاد في المشروعات التنموية، وهو ما ينعكس سلبًا على حياة سكانها. من أبرز هذه المشروعات المتعثرة: السوق النموذجي والسوق المركزي اللذان لا يزالان يراوحان مكانهما دون استكمال، رغم أهميتهما الكبيرة في توفير بيئة تجارية ملائمة وتحسين الأوضاع الاقتصادية للمدينة. كذلك، أصبحت ظاهرة احتلال الشارع من قبل سيارات الأجرة من المشاهد اليومية في المدينة، حيث تسيطر هذه السيارات على الشوارع من شمالها إلى جنوبها، مما يعوق حركة المرور ويزيد من الفوضى. إضافة إلى ذلك، تشهد المدينة تعديات متكررة على الملك العمومي وانتشار الباعة المتجولين، مما يعيق تنفيذ مشروعات البنية التحتية والخدمات العامة. كما يعاني المستشفى الإقليمي من نقص حاد في التجهيزات والخدمات الصحية، مما يزيد من معاناة السكان ويجعلهم يلجأون إلى مستشفيات المدن المجاورة. ومع ذلك فهم لا يتوفرون على الشجاعة الكافية لمناقشة مثل هذه الاختلالات لسبب بسيط هو انهم لا يريدون التفريط في “الصويتات” الانتخابية.
وبالتالي يتضح أن الحراك الحالي في بنسليمان لا يخدم سوى المصالح الانتخابية والسياسية الضيقة. فقد دخلت المدينة في العد العكسي للانتخابات، وبدأت الأطراف المتصارعة في جمع الأصوات بكل الوسائل المتاحة. هذا الصراع يعكس غياب الرؤية الاستراتيجية والتنموية، حيث تُهدر الجهود في معارك سياسية تافهة لا تسهم في تحسين أوضاع المدينة وسكانها.
أمام هذا الواقع المؤلم، من الضروري أن يتوجه الحراك نحو القضايا الحقيقية التي تهم المدينة وسكانها. يجب أن تكون الأولوية لمشروعات التنمية المستدامة، وتحسين الخدمات الأساسية، وتعزيز البنية التحتية. كما يتعين على الجهات المعنية الاستماع إلى صوت السكان وتلبية احتياجاتهم الأساسية، بعيدًا عن الصراعات السياسية والمصالح الشخصية الضيقة، فموضوع “المنح” الذي أسيل حوله الكثير من المداد وجيشت حوله الاحزاب والنقابات إلخ لن ينفع المدينة في حالة الرفض أو القبول، وستبقى المدينة شاهدة على فساد النخب السياسية والنقابية والمجتمع المدني في بنسليمان، ومن يدعي العكس اذكره بحصيلته التي تتحدث عنه. فلا أحد له فضل على هذه المدينة من أبنائها.
وعليه، نوجه نداءً إلى كل من يهمه الأمر في مدينة بنسليمان: كفوا عن هذه الحركات الزائفة التي لا تخدم إلا مصالحكم الخاصة، واتجهوا نحو العمل الجاد لتحقيق التنمية الحقيقية. فالمدينة بحاجة إلى جهودكم لإعادة البناء وتحقيق الرفاهية لسكانها. دعونا نترك السياسة جانبًا، ونعمل جميعًا من أجل مستقبل أفضل لبنسليمان.
أما ترافعكم عن التفاهة فهذا يكشف لنا الوجه الحقيقي لكم وسياساتكم المدعومة وملف “المنح” سيطوى طي الاوراق لكن أنا على يقين أنكم ستختفون مرة أخرى لأن فاقد الشيء لا يعطيه، تحياتي…