المصطفى الجوي – موطني نيوز
تكشف التطورات الأخيرة داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية عن تحولات عميقة تستدعي وقفة تحليلية متأنية، حيث تشير المعطيات المتوفرة لموطني نيوز إلى وجود أزمة هيكلية متعددة الأبعاد تتجاوز في عمقها مجرد حوادث متفرقة. فقد أظهرت الأحداث المتتالية وجود حالة غير مسبوقة من التوتر الداخلي، تجلت في ظواهر مقلقة كانشقاق عدد من الضباط والجنود عن صفوف المؤسسة العسكرية، والتحاقهم بما يعرف بمجموعة “الضباط الأحرار” متأثرين بما وقع في سوريا.
وما يزيد من خطورة الوضع هو لجوء بعض العناصر العسكرية، بمن فيهم ضباط برتب عالية، إلى الهجرة غير النظامية نحو إسبانيا، مما استدعى ردود فعل أمنية استثنائية من الجانبين الجزائري والإسباني. هذا التطور اللافت دفع القيادة العسكرية الجزائرية إلى إعلان حالة طوارئ قصوى، تبعها إجراءات صارمة شملت توقيف عدد من المسؤولين العسكريين وإحالتهم إلى القضاء العسكري.
ولعل ما يثير القلق بشكل خاص هو تزايد حالات الضغط النفسي داخل المؤسسة العسكرية، والتي تجلت في تسجيل حالات انتحار متعددة في صفوف العسكريين. هذه الظاهرة تعكس عمق الأزمة النفسية والاجتماعية التي يعيشها منتسبو المؤسسة العسكرية، والتي تعود جذورها إلى عوامل متعددة منها نظام الانضباط الصارم والضغوط المهنية المتزايدة.
إن هذه التطورات المتسارعة تضع المؤسسة العسكرية الجزائرية أمام تحديات جسيمة تتطلب إعادة نظر شاملة في سياساتها وأساليب إدارتها. فالمؤسسة التي شكلت تاريخياً العمود الفقري للدولة الجزائرية تجد نفسها اليوم في مواجهة اختبار صعب يتطلب إصلاحات عميقة تضمن تماسكها واستمرار فعاليتها.
وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن مستقبل المؤسسة العسكرية الجزائرية مرهون بقدرتها على إجراء مراجعة شاملة لمنظومتها الداخلية، وتطوير آليات التعامل مع الأزمات، مع ضرورة إيلاء اهتمام خاص للجانب النفسي والاجتماعي لمنتسبيها. فالتحديات الراهنة تتطلب مقاربة شمولية تأخذ في الاعتبار مختلف الأبعاد الإنسانية والمهنية والأمنية.
وبالتالي، فإن حجم التحديات التي تواجهها المؤسسة العسكرية الجزائرية يجعل من الضروري تبني إصلاحات هيكلية عميقة تضمن استمرارية المؤسسة وفعاليتها في أداء مهامها الوطنية، مع الحفاظ على تماسكها الداخلي وقدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية.