المصطفى الجوي – موطني نيوز
كشفت وكالة رويترز في تحقيق موسع عن تفاصيل مثيرة حول الساعات الأخيرة التي سبقت هروب الرئيس السوري بشار الأسد من دمشق إلى موسكو، في خطوة دراماتيكية أنهت حكماً عائلياً امتد لأكثر من خمسة عقود.
وفي تفاصيل الهروب المفاجئ، يتبين أن الأسد لم يطلع أحداً تقريباً على خطته للمغادرة، حتى أقرب المقربين إليه. فقبل ساعات من رحيله، عقد اجتماعاً في وزارة الدفاع ضم نحو 30 من كبار الضباط العسكريين والأمنيين، أكد خلاله قدوم الدعم الروسي، داعياً القوات للثبات والصمود. لكن الحقيقة كانت مختلفة تماماً عما أعلنه في ذلك الاجتماع.
وفي يوم السبت، وبعد انتهاء مهامه الرسمية، أخبر الأسد مدير مكتبه أنه سيعود إلى منزله، لكنه اتجه بدلاً من ذلك إلى المطار، تاركاً زوجته بثينة تصل لاحقاً إلى منزل خالٍ. وفي صباح الأحد الثامن من ديسمبر، غادر دمشق على متن طائرة خاصة مزودة بأجهزة تجعلها غير مرئية للرادار، متوجهاً أولاً إلى قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية، ومن ثم إلى موسكو.
وكشفت مقابلات أجرتها رويترز مع 14 مصدراً مطلعاً عن محاولات يائسة قام بها الأسد في أيامه الأخيرة للبقاء في السلطة. ففي 28 نوفمبر، قام بزيارة سرية إلى موسكو طالباً تدخلاً عسكرياً برياً روسياً، لكن طلبه قوبل بالرفض. وبعد أربعة أيام، وتحديدا في 2 ديسمبر، التقى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في دمشق، معترفاً بضعف جيشه وعدم قدرته على صد هجمات المعارضة.
ويتضح من تفاصيل الهروب أن الأسد لم يبلغ حتى شقيقه الأصغر ماهر، قائد الفرقة الرابعة في الجيش، بقراره. وفي حين تمكن ماهر لاحقاً من الفرار عبر العراق للوصول إلى روسيا عبر مروحية عسكرية، لم يحالف الحظ ابني خال الأسد، إيهاب وإياد مخلوف، اللذين وقعا في كمين أثناء محاولتهما الفرار إلى لبنان عبر سيارة خاصة بعد سقوط دمشق.
وتكشف مقاطع الفيديو التي التُقطت من داخل القصر الرئاسي بعد اقتحامه من قبل المعارضة والمدنيين عن عجلة المغادرة، حيث تُرك الطعام على الموقد، وبقيت متعلقات شخصية وصور عائلية في أرجاء القصر، بما فيها صور للأسد في شبابه.
وفي الساعات الأخيرة قبل هروبه، حاول الأسد البحث عن ملاذ آمن في دول أخرى، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل خوفاً من ردة فعل المجتمع الدولي. وفي نهاية المطاف، كانت موسكو، التي رفضت التدخل العسكري البري، هي من قدمت له الملاذ الآمن.
وفي آخر اتصال له مع رئيس وزرائه محمد الجلالي مساء السبت في الساعة العاشرة والنصف، رد الأسد على تقارير عن الوضع المتدهور والنزوح الجماعي من حمص إلى اللاذقية بعبارة مقتضبة: “سنرى غداً”. وكانت تلك آخر كلماته قبل أن يختفي ولا يرد على الاتصالات في اليوم التالي.
وبهذا الهروب المفاجئ، تنتهي حقبة حكم عائلة الأسد التي بدأت عام 1971 مع تولي والده حافظ السلطة، تاركاً خلفه بلداً يواجه تحديات أمنية وإنسانية غير مسبوقة الله وحده يعلم بمصيرها في ظل تشكيل حكومة انتقالية جديدة.