المصطفى الجوي – موطني نيوز
في خضم الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالمواطن المغربي، وبينما يكافح الكثيرون لتأمين لقمة العيش، خرجت علينا احدى الصفحات الفيسبوكية تحت إسم “المديرية الوطنية” لتعلن عن “إنجاز” جديد لمصالح الدرك الملكي تقول فيه : رصد أكثر من مليوني مخالفة مرورية باستخدام “الدرونات” خلال تسعة أشهر فقط من عام 2024. رقم ضخم يثير التساؤل: هل أصبحت التكنولوجيا المتطورة مجرد أداة لإثقال كاهل المواطن بالغرامات؟
لكن المفارقة المؤلمة، فبينما تجوب “الدرونات” سماء المغرب بحثاً عن مخالفات السير، تبقى شبكات تهريب المخدرات نشطة، ويستمر تهريب المال العام، وكأن هذه التكنولوجيا المتطورة قد أصيبت بعمى انتقائي. فكيف يمكن لطائرات قادرة على رصد سيارة تجاوزت السرعة المحددة بكيلومترات قليلة أن تعجز عن كشف تحركات عصابات المخدرات وشبكات التهريب؟
فالأرقام المعلن عنها تتحدث عن مليوني مخالفة في تسعة أشهر بمعني:
– أكثر من 7,400 مخالفة يومياً
– حوالي 300 مخالفة في الساعة
– مخالفة كل 12 ثانية
هذه الأرقام المذهلة تثير سؤالاً جوهرياً: هل حقاً كل هذه المخالفات تمثل خطراً حقيقياً على السلامة المرورية، أم أننا أمام حملة منظمة لتحصيل الأموال من جيوب المواطنين؟
وهذا يعني أن الأولويات مقلوبة ففي وقت يتطلع فيه المواطن المغربي إلى رؤية إحصائيات عن:
– عدد شبكات المخدرات التي تم تفكيكها بفضل هذه التقنيات المتطورة.
– حجم الأموال المهربة التي تم ضبطها.
– عدد عمليات التهريب التي تم إحباطها.
نجد أن التركيز منصب على تتبع المخالفات المرورية البسيطة.
وبالتالي من حقنا أن نتساءل هذه التكنولوجيا في خدمة من؟
يطرح هذا الوضع تساؤلات مشروعة حول الغاية الحقيقية من توظيف هذه التقنيات المتطورة. فبينما تمتلك الدولة أدوات تكنولوجية متقدمة قادرة على المراقبة الدقيقة، نجد أن استخدامها يقتصر على أهداف تبدو وكأنها موجهة نحو تحصيل الأموال أكثر من معالجة المشاكل الأمنية الحقيقية. رغم الإنتشار الواسع للدوريات والسدود القضائية للدرك و الشرطة ناهيك عن الرادارات الثابتة و المخفية وتلك التي على سيارات المصلحة!!!.
وبالتالي لم يعد خافياً على أحد أن المواطن المغربي يعاني من ضغوط اقتصادية متزايدة. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن استخدام التكنولوجيا المتطورة في رصد المخالفات المرورية البسيطة وكأنه إضافة عبء جديد على كاهله، خاصة وأن الكثير من هذه المخالفات قد تكون طفيفة ولا تشكل خطراً حقيقياً على السلامة العامة. بل منها من يغرم أصحابها لمجرد تجاوز كيلومتر واحد لا غير.
أقول لمسخري هذه “الدرونات” إن ما يحتاجه المغرب اليوم هو:
1. إعادة النظر في أولويات استخدام التكنولوجيا المتطورة.
2. توجيه الإمكانيات التقنية نحو مكافحة الجريمة المنظمة والفساد الذي ينخر جسد المملكة المغربية.
3. تبني نهج أكثر توازناً في التعامل مع المخالفات المرورية.
ففي الوقت الذي تتباهى فيه السلطات بأرقام المخالفات المرورية، يبقى السؤال الأهم معلقاً: متى سنرى إحصائيات مماثلة في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والفساد وتجارة المخدرات؟ إن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، والمطلوب اليوم هو توجيه هذا السلاح نحو الأهداف التي تخدم المصلحة العامة حقاً، وليس مجرد تحصيل الغرامات من المواطنين المثقلين أصلا بالأعباء الاقتصادية.