المصطفى الجوي – موطني نيوز
في خطوة قضائية لافتة، قررت محكمة فرنسية في 15 نوفمبر 2023 الموافقة على الإفراج المشروط عن جورج إبراهيم عبد الله، السجين اللبناني الذي أمضى أربعة عقود خلف القضبان الفرنسية. وتأتي هذه الموافقة على طلبه الحادي عشر للإفراج المشروط، مشترطة مغادرته للأراضي الفرنسية وعدم العودة إليها.
جورج إبراهيم عبد الله، البالغ من العمر 73 عاماً، هو ابن قرية القبيات في شمال لبنان، حيث ولد عام 1951. بدأ حياته المهنية في سلك التعليم، وعمل معلماً في وطنه حتى عام 1979. لكن مساره تحول نحو النشاط السياسي، حيث انخرط أولاً في صفوف “الحزب السوري القومي الاجتماعي” قبل أن ينتقل إلى “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”. وفي خضم نشاطه السياسي، أسس مع أفراد عائلته مجموعة عُرفت باسم “الفصائل الثورية المسلحة اللبنانية”، وهي تنظيم ماركسي عُرف بمواقفه الموالية لسوريا والمعادية لإسرائيل.
اعتُقل عبد الله عام 1984 في فرنسا، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 1986 بتهمة التواطؤ في اغتيال دبلوماسيين: الأمريكي تشارلز راي والإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف في باريس عام 1982. ومنذ ذلك الحين، ظل في سجن لانميزان في جنوب غرب فرنسا، ليصبح ما يصفه مناصروه بـ “أقدم سجين في العالم مرتبط بالصراع في الشرق الأوسط”.
ورغم أن القانون الفرنسي أتاح إمكانية الإفراج عنه منذ عام 1999، إلا أن طلباته المتكررة قوبلت بالرفض. وحتى عندما وافق القضاء عام 2013 على إطلاق سراحه مشروطاً بترحيله، لم يصدر وزير الداخلية الفرنسي آنذاك، مانويل فالس، المرسوم اللازم لتنفيذ القرار.
وقد أثارت قضيته موجة تضامن واسعة، تجلت في تظاهرات متكررة داخل فرنسا وخارجها. ففي أكتوبر الماضي، وبمناسبة الذكرى الأربعين لاعتقاله، تظاهر نحو ألفي شخص أمام سجنه، كما شهدت بيروت والأراضي الفلسطينية مظاهرات مماثلة تطالب بحريته.
اليوم، ورغم موافقة المحكمة على إطلاق سراحه، تبقى القضية معلقة بسبب استئناف النيابة الوطنية الفرنسية لمكافحة الإرهاب للقرار. وبينما يصف محاميه جان لوي شالانسيه القرار بأنه “انتصار قضائي وسياسي”، يترقب المراقبون ما إذا كانت هذه المرة ستكون نهاية فعلية لأربعين عاماً من السجن، أم أن القضية ستشهد فصولاً جديدة من المماطلة القانونية والسياسية.