المصطفى الجوي ـ موطني نيوز
في مشهد يعكس حالة من التوتر السياسي والإداري الذي تشهده جماعة شراط بإقليم بنسليمان، أقدمت المعارضة على خطوة غير مسبوقة بإسقاط مشروع الميزانية المقترحة للعام 2025، في خضم جدل واسع حول التدبير المالي والإداري للجماعة.
وفي خطوة تعكس عمق الأزمة، وضع عشرة أعضاء من المجلس الجماعي أمام الرأي العام تقريراً مفصلاً يكشف عن اختلالات جوهرية دفعتهم لاتخاذ هذا القرار الحاسم. الذين وضعوا إصبعهم على مكامن الخلل في تدبير الشأن المحلي.
وتكشف تفاصيل الملف عن اختلالات مالية عميقة تتجلى في صرف مبالغ طائلة على الأعوان العرضيين دون أن يكون لوجودهم أثر ملموس في مرافق الجماعة. وما يثير المزيد من علامات الاستفهام، اعتماد الدفع النقدي لهؤلاء العمال عوضاً عن التحويلات البنكية المعتادة، مما يفتح الباب أمام تساؤلات جدية حول الشفافية المالية.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد ليشمل ما وصفه المعارضون بالإنفاق غير المبرر على الوقود والمحروقات، في وقت تئن فيه الساكنة تحت وطأة نقص حاد في الخدمات الأساسية. وفي مفارقة صارخة، تخصص الجماعة ميزانيات ضخمة لجمعيات وفرق رياضية، بينما يفتقر المواطنون إلى أبسط مقومات العيش الكريم من طرق معبدة ومرافق صحية ومياه صالحة للشرب.
وفي سياق متصل، يلقي التقرير الضوء على قصور واضح في تحصيل مداخيل الجماعة، حيث يتغاضى رئيس الجماعة، بصفته الآمر بالصرف، عن استخلاص الضرائب المستحقة منذ عام 2023، مما يشكل ضربة موجعة لموارد الجماعة المالية.
وعلى الصعيد الإداري، يرسم التقرير صورة قاتمة لواقع التدبير، حيث يسود التخبط في اتخاذ القرارات الإدارية، مما أدى إلى شلل شبه تام في المشاريع التنموية المهيكلة. ويتجلى هذا الواقع المرير في توقف مشاريع حيوية كالسوق النموذجي وبرنامج إعادة إيواء قاطني دور الصفيح، ناهيك عن تعثر مشروع تمديد شبكة المياه الصالحة للشرب والتجزئة الجماعية.
وفي تطور يثير المزيد من المخاوف، كشف التقرير عن منح تراخيص تجارية خارج الضوابط القانونية ودون استشارة اللجان المختصة، إضافة إلى السماح بتوسيع مشاريع دون احترام الإجراءات القانونية اللازمة، مما يضع علامة استفهام كبيرة حول مدى احترام المساطر الإدارية المعمول بها.
وإزاء هذا الوضع المتأزم الذي يؤكد على سوء التسيير و التدبير بالجماعة، يؤكد أعضاء المعارضة أن موقفهم نابع من حرص حقيقي على المصلحة العامة وخدمة الوطن، رافضين ما وصفوه بسياسة التدبير العشوائي للشأن المحلي. ويبقى السؤال المطروح: هل سيشكل إسقاط الميزانية نقطة تحول في مسار تدبير الشأن المحلي بجماعة شراط، أم أنه مجرد فصل جديد في مسلسل الأزمات المتتالية التي تشهدها الجماعة؟