المصطفى الجوي – موطني نيوز
عودة غير متوقعة لظاهرة دور الصفيح تشهدها جماعة شراط في إقليم بنسليمان، في مشهد يثير القلق والاستغراب لدى المتتبعين والمهتمين بالشأن المحلي. فبعد أن كان الإقليم يتباهى بكونه الأول وطنياً في القضاء على دور الصفيح خلال فترة العامل “الضريف”، ها هو اليوم يشهد نكوصاً خطيراً عن هذا المكسب التنموي المهم.
وتكمن المفارقة المؤلمة في أن هذه العودة تأتي هذه المرة بشكل مبتكر ومختلف، حيث يتم استغلال الحاويات وتحويلها إلى وحدات سكنية، في ظاهرة تحظى – للأسف – بتشجيع ضمني من رئيس جماعة شراط. وفي الوقت الذي تشدد فيه السلطات المحلية قبضتها على البناء العشوائي بالإسمنت، يبدو أن هذا النمط الجديد من السكن غير القانوني قد وجد طريقه للانتشار تحت غطاء من التغاضي الرسمي.
والأدهى من ذلك أن الجماعة نفسها تقوم بتزويد هذه “المساكن” المستحدثة بالكهرباء، في خطوة تضفي نوعاً من الشرعية غير المباشرة على هذا الوضع غير القانوني. ويبدو جلياً أن رئيس الجماعة لا يولي اهتماماً لمستقبل المنطقة وتنميتها، متجاهلاً التداعيات الخطيرة لهذه الظاهرة على المدى البعيد.
إن هذا الوضع المقلق يستدعي تدخلاً عاجلاً وحازماً من السلطات المحلية، وعلى رأسها رئيس الدائرة وقائد القيادة، للجم هذه الظاهرة قبل أن تستفحل وتتحول إلى ما يشبه الورم السرطاني في قلب الجماعة. فالتساهل مع هذه الممارسات اليوم قد يؤدي غداً إلى عواقب وخيمة يصعب تداركها، خاصة في ظل سياسة التسيير الفاشلة التي ينتهجها رئيس الجماعة الحالي. بدليل الصورة المرفقة بدوار “الشواگر” قرب القناة المائية، بقع لا تتعدى مساحتها 700 متر مربع يشترك فيها شخصين يتخذون من الحاويات الحديدية مسكنا لهم، وليس هذا الدوار فحسب فقد سبقه دوار الحرار ودوار أولاد سلامة. وبهذه الطريقة الجهنمية ستتحول جماعة شراط في وقت قياسي الى مدينة الحاويات الحديدية ومن يدري ففي المستقبل سيطالبون الدولة بسكن لائق.
إن المكتسبات التي تحققت في السنوات الماضية في مجال محاربة السكن العشوائي تستحق أن تُحمى وتُصان، وليس أن يُفرط فيها بهذه السهولة. فالمطلوب اليوم هو وقفة جادة وحازمة من جميع المسؤولين المحليين لوضع حد لهذه الممارسات التي تهدد النسيج العمراني والاجتماعي للمنطقة.
ويبقى السؤال المطروح: هل ستتحرك السلطات المختصة في الوقت المناسب لوقف هذا النزيف العمراني؟ أم أن الأمور ستستمر في التدهور حتى نجد أنفسنا أمام أزمة حقيقية تضيع معها كل الجهود التي بُذلت على مدى سنوات طويلة؟ إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في مدى جدية وسرعة تحرك المسؤولين للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة.