التعديل الحكومي الجديد..عندما تطغى الولاءات الحزبية على الكفاءات الوطنية

المصطفى الجوي

المصطفى الجوي – موطني نيوز

في لحظة تاريخية تتطلب قرارات جريئة وتغييرات جذرية، يأتي التشكيل الوزاري الجديد ليكرس نهجاً عقيماً في إدارة شؤون الدولة، متجاهلاً متطلبات المرحلة وطموحات الشعب. لم يعد خافياً على أحد أن معايير اختيار الوزراء قد انحدرت إلى مستنقع الولاءات الحزبية، متجاوزة بذلك الكفاءات الوطنية التي طالما كانت المحرك الحقيقي لعجلة التنمية.

إن المتتبع لمسار التعيينات الوزارية يلحظ بوضوح صارخ كيف تحولت الحقائب الوزارية إلى غنائم سياسية، توزع وفق محاصصات حزبية ضيقة، متناسية أن الوزارة أمانة وطنية قبل أن تكون منصباً سياسياً. هذا النهج الخطير في إدارة مفاصل الدولة يضرب في الصميم مبادئ الكفاءة والمهنية، ويقوض أي أمل في تحقيق نهضة تنموية حقيقية.

لقد آن الأوان لنصارح أنفسنا بحقيقة مرة: إن سياسة ترجيح الولاءات الحزبية على حساب الكفاءات المهنية قد أثبتت فشلها الذريع. فكيف يمكن لوزير جاء بالولاء أن يقود وزارة تحتاج إلى خبرة وكفاءة؟ وكيف نتوقع نهضة تنموية في ظل تغييب ممنهج للكفاءات الوطنية؟

إن خطورة الوضع الراهن تتجلى في ثلاثة مظاهر رئيسية:

أولاً: تراجع الأداء المؤسسي، وذلك بتعطيل المشاريع التنموية بسبب ضعف القيادة الوزارية و غياب الرؤية الاستراتيجية في إدارة الملفات الحيوية وتفشي البيروقراطية وتعقيد الإجراءات.

ثانياً: تآكل الثقة الشعبية بفقدان المصداقية في الخطاب الحكومي و تزايد حالة الإحباط لدى الكفاءات الوطنية بالاضافة إلى تراجع مستوى الخدمات العامة.

ثالثاً: تهديد المستقبل التنموي و هروب الاستثمارات بسبب عدم الثقة في القيادات الوزارية وتراجع مؤشرات التنمية في القطاعات الحيوية مع ضياع الفرص التنموية الواعدة.

إن المخرج من هذا المأزق يتطلب ثورة إصلاحية شاملة تبدأ من:
1. إعادة صياغة معايير اختيار القيادات الوزارية بما يضمن تغليب الكفاءة على الولاء
2. تفعيل آليات المساءلة والمحاسبة لتقييم الأداء الوزاري
3. إشراك الكفاءات الوطنية في صناعة القرار دون النظر لانتماءاتهم السياسية
4. تبني نظام حوكمة شفاف يضمن تكافؤ الفرص وعدالة التعيينات

إن الوطن اليوم يقف على مفترق طرق: إما الاستمرار في نهج المحاصصة والولاءات الذي سيقود حتماً إلى مزيد من التراجع والانحدار، أو تبني نهج جديد يعيد الاعتبار للكفاءات الوطنية ويضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

الخيار اليوم بين يدي صناع القرار: هل سنستمر في تكريس ثقافة الولاء على حساب الكفاءة، أم سنختار طريق الإصلاح الحقيقي الذي يبدأ باختيار الأكفأ والأقدر على تحمل المسؤولية الوطنية؟

إن التاريخ لن يرحم من يضحي بمصلحة الوطن من أجل مكاسب حزبية ضيقة، والأجيال القادمة لن تغفر لنا تفريطنا في حقها في قيادة كفؤة قادرة على بناء مستقبل أفضل.

One thought on “التعديل الحكومي الجديد..عندما تطغى الولاءات الحزبية على الكفاءات الوطنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!