
المصطفي الجوي – موطني نيوز
في تطور صادم يكشف عن حجم الاختلالات التدبيرية التي تعصف بجماعة شراط في إقليم بنسليمان، كشفت مصادر موثوقة لـ”موطني نيوز” عن تفاصيل مثيرة للجدل حول مشروع ميزانية 2025 للجماعة. هذه التفاصيل تضع رئيس الجماعة والجهات المتحكمة في القرار في موقف لا يُحسدون عليه، وتثير تساؤلات جدية حول قدرتهم على التسيير والتدبير السليم لشؤون الجماعة.
ففي مفارقة صارخة تعكس حجم التلاعب بالأرقام، يقترح رئيس الجماعة – أو بالأحرى الجهات التي تملي عليه قراراته – ميزانية بقيمة 15,544,900.00 درهم (أي ما يزيد عن مليار ونصف سنتيم). هذا الرقم الخيالي يتناقض بشكل فاضح مع الواقع المالي للجماعة، حيث لا تتجاوز مداخيلها الحقيقية للجماعة 5,000,000.00 درهم (500 مليون سنتيم). والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: من أين سيأتي السيد الرئيس بالفارق الهائل البالغ أكثر من مليار سنتيم؟!
الأمر لا يقتصر على التلاعب بالأرقام فحسب، بل يتعداه إلى خرق صارخ للإجراءات القانونية والإدارية. فبحسب المعلومات المتوفرة، لم تتداول لجنة المالية بجماعة شراط في هذا الأمر الخطير، ولا يوجد أي تقرير صادر عنها. هذا التجاوز الفاضح للإجراءات يضع علامات استفهام كبيرة حول شرعية هذه الميزانية ومدى قانونيتها.
ومن بين النقاط الأكثر إثارة للجدل في هذه الميزانية المشبوهة، نجد مبلغ مليون درهم المخصص للعمال العرضيين. هذا المبلغ الضخم يثير الريبة، خاصة في ظل غياب أي معلومات دقيقة عن عدد هؤلاء العمال أو هوياتهم مادامت رواتبهم لا تصلهم عبر تحويل بنكي في غياب تام لشفافية. بل إن الأمر زاد سوءًا مع الزيادة المفاجئة بـ42 مليون سنتيم إضافية، ليصل المبلغ الإجمالي إلى 142 مليون سنتيم. والأدهى من ذلك، أن الإشراف على هذا الملف موكول لشخص لا يتمتع بصفة موظف رسمي، لكنه – وبدعم من الرئيس – يتحكم في العمال العرضيين وفي مرآب الجماعة كذلك.
في خضم هذه الفوضى المالية، تبرز قضية تعويضات رئيس الجماعة كنقطة ساخنة أخرى. فقد بلغت هذه التعويضات 15.5 مليون سنتيم، وهو رقم يثير التساؤلات حول مدى تناسبه مع الوضع المالي الهش للجماعة بالاضافة الى مردودية الرئيس وبالتالي فإننا أمام تبديد واضح للمال العام.
هذه الاختلالات الخطيرة والتجاوزات الفاضحة دفعت بالعديد من أعضاء الجماعة إلى مقاطعة دورة أكتوبر للمرة الثانية، كما أنها ستدفعهم حتمًا إلى إسقاط هذه الميزانية المشبوهة في جلستها الثالثة. هذا الوضع يضع رئيس الجماعة في موقف حرج للغاية، ويستدعي تدخلًا عاجلًا من عامل الإقليم لعزله وإحالته على المحكمة الإدارية بتهم سوء التدبير والتسيير.
لتبقى قضية ميزانية جماعة شراط لعام 2025 مثالًا صارخًا على حجم سوء التسيير والتدبير في ما يخص المال العام بذات الجماعة. وتبقى الكرة الآن في ملعب السلطات الإقليمية المختصة للتحقيق في هذه التجاوزات ومحاسبة المسؤولين عنها، حفاظًا على المال العام ومصالح المواطنين.