المصطفي الجوي – موطني نيوز
في تطور صادم يكشف عن تآكل الحريات الأساسية في المملكة المغربية، وجدت مجموعة من طلبة الطب أنفسهم في قفص الاتهام بعد أكثر من عام من المطالبة السلمية بحقوقهم الأكاديمية. هذا التحول المثير للقلق يضع علامة استفهام كبيرة حول مستقبل الحريات والحق في التعبير في بلد يدّعي أنه دولة الحق والقانون.
وفقًا لمعلومات حصرية حصلت عليها “موطني نيوز”، فإن النيابة العامة في الرباط وجهت اتهامات خطيرة لـ 27 طالبًا وطالبة في كلية الطب. هؤلاء الطلبة، الذين من المفترض أن يكونوا مستقبل القطاع الصحي في المغرب، يواجهون الآن تهمًا ثقيلة تشمل “العصيان” و”المشاركة في تجمهر غير مسلح”، استنادًا إلى مواد من القانون الجنائي والظهير المتعلق بالتجمعات العمومية.
إن هذه الاتهامات، التي تأتي في أعقاب احتجاجات سلمية استمرت لأكثر من عام، تثير تساؤلات عميقة حول مدى التزام السلطات المغربية بحماية الحريات الأكاديمية وحق الطلبة في التعبير عن مطالبهم المشروعة. فبدلاً من الاستماع إلى هموم هؤلاء الطلبة وفتح حوار بناء معهم، اختارت السلطات اللجوء إلى القمع والترهيب.
يجد الطلبة المتهمون أنفسهم الآن مطالبين بالمثول أمام النيابة العامة في 23 أكتوبر 2024، في قضية وصفت بأنها “جنحية تلبسية تأديبية”. هذا الإجراء القانوني يضع مستقبلهم الأكاديمي والمهني على المحك، ويهدد بتقويض طموحاتهم في خدمة وطنهم كأطباء في المستقبل.
إن هذه الممارسات القمعية لا تضر فقط بالطلبة المعنيين، بل تلقي بظلال قاتمة على مستقبل التعليم الطبي والرعاية الصحية في المغرب. فكيف يمكن لبلد يطمح إلى تطوير نظامه الصحي أن يعامل طلبة الطب – الذين هم عماد هذا النظام في المستقبل – بهذه الطريقة المهينة والمقلقة؟
على السلطات المغربية أن تدرك أن قمع الأصوات المطالبة بالإصلاح وتحسين ظروف الدراسة لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة وزعزعة الثقة بين الشباب والدولة. بدلاً من ذلك، يجب على الحكومة أن تفتح حوارًا جادًا وبناءً مع طلبة الطب، وأن تستمع إلى مطالبهم المشروعة وتعمل على تلبيتها بما يخدم مصلحة الطلبة والقطاع الصحي والوطن ككل.
إن مستقبل المغرب كدولة ديمقراطية تحترم حقوق مواطنيها يعتمد على قدرته على احترام حرية التعبير والتجمع السلمي. وعليه، فإن معاملة طلبة الطب كمجرمين لمجرد مطالبتهم بحقوقهم هو أمر مرفوض ويجب أن يتوقف فورًا. فالطريق إلى التقدم والازدهار يمر عبر الحوار والتفاهم، وليس عبر القمع والترهيب.