المصطفى الجوي – موطني نيوز
في ظلام ليلة من ليالي بنسليمان، وفي مشهد يكاد يكون سرياليًا، تتجلى صورة الفساد والفوضى التي باتت تعشش في أركان هذه المدينة المنكوبة. فقد تعرضت اليوم، برفقة عائلتي، لأجد نفسي في موقف لا أحسد عليه، واجها لوجه مع نموذجًا صارخًا للفساد المستشري.
تخيلوا معي المشهد: ساعات الليل تقترب من العاشرة، والشوارع تغرق في سكون حذر. فجأة، يظهر شبح من العدم، شخص غريب الأطوار يقف أمام سيارتي، مطالبًا إياي بدفع “ثمن” وقوف سيارتي في الشارع العام. وكأن الشوارع أصبحت ملكية خاصة لهؤلاء المنتفعين!
وعندما طالبت هذا الشخص الغريب بتذكرة رسمية لموقف السيارات، يأتيني الرد صادمًا ومثيرًا للسخرية في آن واحد. فيظهر هذا الشخص ورقة معلقة في عنقه، كأنها وسام شرف، قائلاً بكل وقاحة: “الباشا لي حاطني هنا”.
هل وصلنا حقًا إلى هذا الحد من الانحطاط؟ هل أصبح اسم “الباشا” ختمًا يُضرب على كل عمل غير قانوني في هذه المدينة؟ وإذا كان هذا الادعاء كاذبًا – وهو على الأرجح كذلك – فأين السلطات من هذه المهزلة التي تتكرر كل ليلة في شوارع بنسليمان؟
الأسئلة تتدافع في رأس كل مواطن شريف: هل فعلاً السيد الباشا أو أي كان من المسؤولين هو من سمح لهؤلاء الأوباش بالنصب والاحتيال على المواطنين باسم حراسة السيارات؟ وإذا كان السيد الباشا بريئًا من هذه الاتهامات – كما نأمل – فلماذا هذا الصمت المريب والتغاضي عن هذه الفوضى العارمة التي طالما حذرنا منها؟
ومن هم هؤلاء “باردين لكتاف” الذين انتشروا كالوباء في أرجاء المدينة؟ من يقف وراءهم؟ ومن المستفيد الحقيقي من هذه المنظومة الفاسدة التي تنهش في جسد المدينة؟
إننا اليوم نوجه صرخة مدوية إلى كل مسؤول في هذه المدينة: إن سكوتكم عن هذه الممارسات المشينة له تفسير واحد لا غير، إما أنكم متواطئون مع هؤلاء الفاسدين، أو أنكم عاجزون تمامًا عن التصدي لهم. وفي كلتا الحالتين، فإن الكارثة واحدة.
نحن، أبناء هذه المدينة الطيبة، نطالب بتحقيق فوري وشفاف في هذه الممارسات. نريد كشف كل المتورطين، مهما علت مناصبهم أو كثرت ألقابهم. نريد إجراءات صارمة تضع حدًا لهذه المهزلة وتعيد للمواطن كرامته المسلوبة في شوارع مدينته.
إن الوقت يداهمنا، وصبر المواطنين ينفد. فهل من مجيب لهذه الصرخة قبل أن تتحول شوارع بنسليمان إلى غابة يحكمها قانون الأقوى والأكثر فسادًا؟
وللموضوع بقية… بقية نأمل أن تكتبها أيدي العدالة، لا أيدي الفساد.