المصطفى الجوي – موطني نيوز
في تطور دراماتيكي لقضية طال أمدها وألقت بظلالها على البيت الأبيض، أقر هانتر بايدن، نجل الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالذنب في تهم التهرب الضريبي أمام محكمة فدرالية في لوس أنجلوس. هذا الحدث الذي طال انتظاره جاء محملًا بتفاصيل وتداعيات كثيرة، نستعرضها فيما يلي:
افتتح المحامي وايز، ممثل المستشار الخاص، الجلسة بتصريح حاسم للقاضي، قائلًا : “أود التوضيح بجلاء، الولايات المتحدة تعارض التماس ألفورد. هانتر بايدن ليس بريئًا، بل هو مذنب. جئنا إلى المحكمة لمحاكمة هذه القضية”. هذا التصريح القوي وضع نبرة جادة للإجراءات، مؤكدًا على عزم الادعاء في متابعة القضية بكل حزم.
من جهته وبعد مشاورات مع فريقه القانوني، قدم هانتر بايدن التماسًا تقليديًا أقر فيه بالذنب في جميع التهم الواردة في لائحة الاتهام الضريبية. هذا التحول عن موقفه السابق جاء كمفاجأة للكثيرين، خاصة بعد انهيار صفقة إقرار سابقة بالذنب في الصيف الماضي بسبب خلافات حول نطاق الحصانة من الملاحقات المستقبلية.
وعقب الجلسة، أدلى آبي لويل، أحد محامي بايدن، بتصريح خارج المحكمة قائلًا : “لقد وضع هانتر عائلته في المقام الأول اليوم. كان ذلك عملًا شجاعًا ومحبًا منه”. هذا التصريح يشير إلى محاولة فريق الدفاع لتصوير قرار بايدن على أنه تضحية شخصية لحماية عائلته من مزيد من الضغط الإعلامي والسياسي.
حيث وصل هانتر بايدن إلى المحكمة ممسكًا بيد زوجته ميليسا، ومحاطًا بعدد من أصدقائه المقربين. كما لوحظ غياب السيدة الأولى جيل بايدن وباقي أفراد الأسرة، الذين كانوا حاضرين بشكل يومي خلال محاكمته السابقة في ويلمنجتون. هذا الغياب أثار تساؤلات حول استراتيجية العائلة في التعامل مع هذه القضية الحساسة.
أشار بايدن الابن إلى أنه خضع لعلاج من الإدمان وأنه في طور التعافي منذ خمس سنوات. هذا الاعتراف يلقي الضوء على الجانب الإنساني من القضية، حيث يربط بايدن بين إدمانه السابق وأخطائه المالية والقانونية. ولا تنسوا قراء موطني نيوز قصة كومبيوتر محمول من الجحيم، والذي سبق لنا وأن تناولنا موضوعه.
من المتوقع أن تتناول قضية لوس أنجلوس جوانب أكثر تفصيلًا من حياة بايدن، بما في ذلك إنفاقه الباهظ وحياته الشخصية خلال فترة إدمانه. هذه التفاصيل، التي وثقها بايدن نفسه في مذكراته المنشورة عام 2021، قد تشكل جزءًا محوريًا من القضية.
حيث تضمنت لائحة الاتهام ادعاءات بأن بايدن قام بكتابة الأموال التي دفعها للعاملات بالجنس كمصروفات تجارية في استماراته الضريبية. هذا الجانب من القضية يثير تساؤلات حول الممارسات المالية لبايدن وقد يكون له تداعيات قانونية وسياسية. فعائلة الرئيس الامريكي جو بايدن لها تاريخ قوي في الفساد.
لكن بدا محامو بايدن متحمسين لحل قضية لوس أنجلوس، حيث أشار لويل إلى الحاجة لموازنة المصلحة العامة مع المصلحة الخاصة لموكله. قال لويل : “لقد رأينا قائمة المعروضات وقائمة الشهود، هناك أكثر من نصف دزينة من أفراد عائلته المباشرين. هناك أيضًا مصلحة خاصة يجب النظر فيها”.
في المقابل، أكد المحامي وايس على ضرورة محاكمة بايدن على جرائمه، قائلًا : “في الحقيقة لسنا هنا بسبب ما فعلته الحكومة. ولسنا من يقرر استدعاء أفراد عائلته. هو من أشعل هذه السلسلة من الأحداث”.
ووفقًا لتقرير لجنة الأحكام الأمريكية، فإن متوسط مدة الحكم في قضايا الضرائب كان 16 شهرًا، رغم أن متوسط الحد الأدنى للحكم الموصى به في الإرشادات كان 28 شهرًا في السجن. هذه الإحصائيات قد تلعب دورًا في تحديد العقوبة المحتملة لبايدن.
وختم هانتر بايدن القضية ببيان شخصي قال فيه : “مثل ملايين الأمريكيين، فشلت في تقديم ودفع ضرائبي في الوقت المناسب. أنا مسؤول عن ذلك. الإدمان ليس عذرًا، لكنه تفسير لبعض إخفاقاتي في هذه القضية”. وأضاف موجهًا حديثه لمن يعانون من الإدمان : “هناك ضوء في نهاية النفق الذي يبدو بلا نهاية. كنت في موقفكم. لا تستسلموا قبل المعجزة بقليل”.
وتمثل قضية هانتر بايدن تحديًا كبيرًا للإدارة الأمريكية الحالية، حيث تلقي بظلالها على الساحة السياسية والقانونية. مع استمرار تطورات القضية، يبقى السؤال مطروحًا حول التأثيرات المحتملة على مستقبل الرئيس بايدن السياسي وعلى العلاقات داخل العائلة الرئاسية. كما تثير القضية نقاشًا أوسع حول العدالة وتطبيق القانون على أبناء الشخصيات السياسية البارزة، كرئيس الولايات المتحدة الامريكية مثلا.
تُظهر قضية هانتر بايدن تباينًا صارخًا بين تطبيق القانون في الولايات المتحدة والوضع في بعض الدول الأخرى خاصة العربية، كالمغرب مثلًا. ففي المغرب، تشير التقديرات غير الرسمية إلى وجود عدد كبير من المتهربين من الضرائب، يُقدر بعشرات الآلاف، إن لم يكن أكثر.
ورغم حجم هذه الظاهرة واستفحالها، فإن متابعة هؤلاء المتهربين قانونيًا تبدو محدودة للغاية إن لم تكن منعدمة وأن من يؤدون الضرائب هم المستضعفين من الشعب. فعلى عكس حالة بايدن الذي أقر بالذنب، نجد أن معظم المتهمين بالتهرب الضريبي في المغرب لا يواجهون الملاحقة القضائية الجادة، ولا يضطرون للإقرار بأي ذنب.
هذا الوضع يعكس تحديات عميقة في النظام الضريبي والقضائي المغربي. فالعديد من هؤلاء المتهربين يُنظر إليهم على أنهم “لصوص المال العام” بالفعل، متورطون في شبكات فساد واسعة تحميهم من الملاحقة القانونية.
إن غياب المساءلة الفعالة وضعف آليات تطبيق القانون يخلق بيئة خصبة لاستمرار التهرب الضريبي، مما يحرم الدولة من موارد مالية هامة يمكن استثمارها في التنمية والخدمات العامة. هذا الوضع يطرح تساؤلات جدية حول العدالة الاجتماعية وسيادة القانون في المجتمع المغربي.
وعليه، تبرز الحاجة الملحة لإصلاحات جذرية في النظام الضريبي والقضائي المغربي، تضمن تطبيق القانون بشكل عادل وفعال على الجميع دون استسثناء، بغض النظر عن مكانتهم الاجتماعية أو السياسية. فقط من خلال مثل هذه الإصلاحات يمكن استعادة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة الضريبية الحقيقية والتنمية المستدامة لهذا الوطن.