المصطفى الجوي ـ موطني نيوز
في قلب آسيا الوسطى، تقبع دولة صغيرة تحمل في طياتها أسرارًا وعجائب تفوق الخيال. إنها قيرغيزستان، تلك الجوهرة المخفية التي تجمع بين سحر الطبيعة وعبق التاريخ وغموض الأساطير.
تتميز قيرغيزستان بطبيعتها الجبلية الخضراء الآسرة، وتنوعها الثقافي الفريد. فعلى الرغم من صغر مساحتها، إلا أنها تحتضن مزيجًا فريدًا من الثقافات والأعراق. يتجلى هذا التنوع في ملامح سكانها، فمنهم من يحمل الملامح الروسية، ومنهم من تغلب عليه السمات الآسيوية، مما يخلق نسيجًا اجتماعيًا فريدًا.
اقتصاديًا ولغويًا، تميل قيرغيزستان نحو روسيا، لكنها تحافظ على هويتها الإسلامية، حيث يشكل المسلمون الأغلبية العظمى من سكانها. هذا المزيج الفريد من التأثيرات الثقافية والدينية يجعل من قيرغيزستان وجهة استثنائية للزوار والباحثين على حد سواء.
ومن أبرز ما يميز هذه البلاد وجود الخيول البرية المنتشرة في أرجائها، مما يضفي مشهدًا ساحرًا يعيد إلى الأذهان صور الحياة البدوية القديمة.
لكن ما يثير الدهشة حقًا في قيرغيزستان هو ارتباطها بأساطير دينية عريقة. فهناك ما يُعتقد أنه السد الذي بناه ذو القرنين، والمذكور في القرآن الكريم. يقول الله تعالى: ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾. هذا السد، الممتد على طول 126 مترًا بين جبلين، مبني من الحديد المنصهر والنحاس المذاب، مشكلًا مادة فائقة الصلابة، تماشيًا مع الوصف القرآني: ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾.
وفي مشهد آخر يبدو وكأنه خارج من صفحات التاريخ المقدس، تقع بحيرة إيسيك كول شرق البلاد. هذه البحيرة، التي تبدو من الأقمار الصناعية كعين بشرية، يُعتقد أنها “العين الحمئة” المذكورة في القرآن. يقول الله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً﴾. واسمها باللغة القيرغيزية يعني “البحيرة الدافئة”، وهي حقًا كذلك، إذ أنها لا تتجمد أبدًا رغم إحاطتها بقمم جبلية مغطاة بالثلوج.
إن قيرغيزستان، بكل ما تحمله من تناقضات وعجائب، تقف شاهدة على تلاقي الأساطير مع الواقع، والتاريخ مع الحاضر. إنها وجهة تستحق الاكتشاف لكل من يبحث عن تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة وعمق التاريخ وسحر الأساطير.