المصطفى الجوي – موطني نيوز
في أعماق الجحيم، حيث تتصاعد ألسنة اللهب وتتردد صرخات العذاب، جلس إبليس على عرشه الناري، غارقًا في التفكير. للمرة الأولى منذ آلاف السنين، شعر بالخوف والقلق. لم يكن خوفه من عقاب الله، بل من شيء آخر أكثر رعبًا : البشر أنفسهم.
رفع إبليس رأسه ببطء، وعيناه تشتعلان بنار غريبة، مزيج من الغضب والحيرة. ثم، وبصوت لم يجرؤ على رفعه من قبل، مرتجفًا من الخوف والندم. كان وجهه شاحبًا، وعيناه مليئتان بالدموع. وبصوت مرتعش صرخ :
“يا رب العالمين، أريد أن أشكو إليك!” اهتزت أركان الجحيم مع صرخته، وللحظة ساد صمت مطبق. ثم، وكأنما استجابة لندائه اليائس، وجد إبليس نفسه فجأة أمام عرش الله، مرتعدًا ومرتبكًا. بدأ إبليس حديثه بصوت مرتجف:
“يا رب العالمين، أنا هنا لأعترف بذنبي وأتبرأ من أولئك الذين تجاوزوني في الشر من البشر. لقد كنت أظن أنني أسوأ مخلوقاتك، لكنني اكتشفت أن هناك من هم أسوأ مني بكثير.”
توقف إبليس للحظة، ثم استمر: “في بلاد الحرمين، ظهر من يفتي بالجهاد والنفير، يحرض على القتل والتدمير لا على اليهود والمجوس بل كل حقده الدفين على المسلمين الموحدين. هؤلاء الأبالسة الجدد تجاوزوا كل حدود الشر التي رسمتها.”
بدأت دموع إبليس تنهمر وهو يقول: “يا رب، أنا لم أصل يومًا إلى هذا المستوى من الضلال. لم أفتِ بإرضاع الكبير، ولم أعالج المجانين بالسوط. لم أشرع لذبح الأسرى أو تقطيع أوصالهم. لم أفتِ بقتل العلماء والأطفال والشيوخ.”
ثم رفع إبليس رأسه إلى السماء وصرخ: “يا رب، أنا بريء من كل هؤلاء! من العرعور وآل سعود، من القرضاوي ومن كل منافق حقير يدعي الدين وهو أبعد ما يكون عنه.”
فجأة، ظهر ملك عظيم وقال لإبليس: “أيها الملعون، ألم تكن أنت من أغوى هؤلاء وقادهم إلى هذا الضلال؟”
أجاب إبليس بصوت منكسر: “نعم، لقد أغويتهم في البداية، لكنهم تجاوزوني بمراحل. لم أتخيل يومًا أنهم سيصلون إلى هذا الحد من الشر والفساد.”
ثم التفت إبليس إلى الله وقال: “يا رب، أنا لم أفرط في فلسطين ولم أخن القضية ولا حتى إسماعيل هنية. لم أكن أنا من أوقع بحماس أو حزب الله. ولم اجرؤ على توصيل الكلام الى بني صهيون، ولم أسمعْ بيومٍ في جهادٍ…يكونُ بفرجِ عاهرةٍ و أيرِ هؤلاء البشر تجاوزوا كل الحدود.”
أنا أبليسُ ما أوصلْني يوما،ضلالي ضلالَ معدومِ الضميرِ،فما كفّرْتُ من نطقَ الشهاده،بأنكَ ربّهُ في كلِّ سَيْرِ.
وكلّ فتاوى قتلِ الأبرياءِ، هي من شيخِ مرتزقٍ حقيرِ،وما وسوستُ للقرضاوي يوماً، لتحليلِ الدماءِ على الأثيرِ، يكفّرُ من يشاء بغيرِ حقٍّ، فيغضبكَ ربي لإرضاءِ الأميرِ.
في تلك اللحظة، سمع إبليس صوتًا عظيمًا يقول: “يا إبليس، لقد سمعنا اعترافك. لكن تذكر أنك أنت من بدأ كل هذا الشر المستطير. وعليك أن تتحمل مسؤولية أفعالك وأفعال من أغويتهم.”
وهكذا، انتهت صرخة إبليس الأخيرة، تاركًا وراءه عالمًا مليئًا بالفوضى والظلم، عالمًا تجاوز فيه البشر حدود الشر التي رسمها إبليس نفسه.