المصطفى الجوي – موطني نيوز
في أعماق التاريخ العربي، تنبثق قصة مثيرة تروي أصول الأمة العربية وتطورها عبر الزمن. إنها حكاية شعبين متداخلين، يشكلان معًا نسيج الهوية العربية الأصيلة: العرب العاربة والعرب المستعربة.
العرب العاربة، وهم الأصل النقي للعروبة، ينحدرون من سلالة يعرب بن قحطان. يُعتبر يعرب أول من نطق باللسان العربي الفصيح، وهو ينتمي إلى سلسلة نسب عريقة تمتد إلى نوح عليه السلام. هؤلاء هم أهل اليمن، عرب الجنوب الذين حملوا لواء اللغة العربية وثقافتها منذ فجر التاريخ.
أما العرب المستعربة، فقصتهم لا تقل إثارة. ينتسبون إلى النبي إسماعيل عليه السلام، الذي تزوج من رعلة بنت مضاض الجرهمية. وبهذا الزواج، بدأت قصة اندماج فريدة بين نسل إسماعيل والعرب الأصليين. فقد اختلط هؤلاء “المستعربة” بالعرب العاربة في أرض الحجاز، متشربين لغتهم وثقافتهم، حتى أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من النسيج العربي.
يُعرف العرب المستعربة أيضًا بالعدنانيين، نسبة إلى جدهم عدنان. وتمتد سلسلة نسبهم عبر أجيال عديدة، مرورًا بشخصيات بارزة في التاريخ العربي، وصولًا إلى إبراهيم الخليل عليه السلام.
إن هذا التمازج الفريد بين العرب العاربة والمستعربة يشكل قصة ملحمية عن الهوية والانتماء. فرغم اختلاف الأصول، إلا أن اللغة العربية شكلت جسرًا وحد بين هاتين المجموعتين، مؤسسة لحضارة عربية غنية ومتنوعة.
وهكذا، تبقى قصة العرب العاربة والمستعربة شاهدة على عمق الجذور العربية وتنوعها. إنها قصة تستحق أن تُروى وتُحفظ، لأنها تمثل الأساس الذي قامت عليه الهوية العربية بكل ثرائها وتعقيدها.
ليبقى في النهاية هذا التاريخ العريق مصدر فخر واعتزاز لكل عربي، ويدعونا للتأمل في الروابط العميقة التي تجمعنا، متجاوزة حدود الزمان والمكان.