المصطفى الجوي – موطني نيوز
لطالما اعتبر الملك مينا مؤسس الأسرة الفرعونيّة الأولى حوالي عام 3200 قبل الميلاد بداية التاريخ المصري المدون. إلا أن الأدلة الجديدة التي ظهرت من بردية “تورين”، التي تعود إلى عصر رمسيس الثاني من الأسرة التاسعة عشرة، تلقي بظلال من الشك على هذا التصور التقليدي. هذه البردية، بالإضافة إلى نصوص قبو معبد دندرة، تشير إلى أن تاريخ مصر أقدم بكثير مما كان يُعتقد سابقًا.
وفقًا لبردية تورين، فإن مصر كانت تحت حكم مجموعة من الأفراد المعروفين باسم شمسو-حور قبل عهد الملك مينا. هؤلاء الأتباع كانوا أتباعًا مخلصين للإله حورس، الذي يُعتبر أحد الآلهة الرئيسية في الميثولوجيا المصرية القديمة. يعد ذكر شمسو-حور في بردية تورين بمثابة كشف تاريخي هام يشير إلى وجود نظام حكم منظم في مصر قبل بداية عهد الأسرات المعروفة.
تشير النصوص الموجودة في قبو معبد دندرة إلى أن التصميم الهندسي للمعبد يعود إلى عصر الملك بيبي الثاني من الأسرة السادسة. ولكن الأهم من ذلك هو ما ورد في هذه النصوص أن التصميم نفسه يعود إلى عهد شمسو-حور. تم العثور على هذه التصاميم مدونة على قطعة من الجلد في مدينة منف، مما يعزز فكرة أن المصريين القدماء كان لديهم تقنيات معمارية متقدمة وتاريخ طويل من الحضارة المنظمة قبل عهد الملك مينا.
تعمقت الميثولوجيا المصرية في فكرة أن الأرض كانت تحكمها الآلهة في البداية، وأن هذه الآلهة أورثت الحكم إلى حورس ليكون الوريث الشرعي للعرش على الأرض. شمسو-حور، الذين ناصروا حورس في معركته ضد عدوه ست، تولوا الحكم بعده. لذلك، ليس من المستغرب أن الملوك في عصر الأسرات كانوا يلقبون بلقب “حورس على العرش”، كدليل على استمرارية هذه التقاليد الدينية والسياسية العميقة.
وتشير هذه الأدلة الجديدة إلى أن المصري القديم لم يعتبر بداية الأسرات وبداية حكم الملك مينا بداية تاريخ مصر. بل كان هناك تاريخ أقدم بكثير غير مدون بشكل كبير بسبب عدم انتشار الكتابة في تلك الفترة. إن اكتشاف بردية تورين ونصوص معبد دندرة يلقي الضوء على فترة غامضة من تاريخ مصر ويجبرنا على إعادة تقييم ما نعرفه عن أصول الحضارة المصرية.
وعليه تشير الأدلة المتزايدة إلى أن تاريخ مصر أكثر تعقيدًا وأعمق مما كان يعتقد سابقًا. لأن الأبحاث المستمرة قد تكشف المزيد عن هذه الفترات المجهولة، مما يمكن أن يعيد كتابة تاريخ واحدة من أقدم وأعظم الحضارات في العالم. يظل المصري القديم وعلاقته بالآلهة والأساطير مصدر إلهام لا ينضب للباحثين والمؤرخين على حد سواء.