المصطفى الجوي – موطني نيوز
رسالتي اليوم أوجهها لكل من صعدوا على أكتاف الأخرين. وأرخو بأرجلهم من على اكتافهم، مستغلين طيبة قلب الطرف الأخر. ولكنهم وبطبيعة الحال نسوا أو تناسوا أن الدنيا إذا ما ضحكت لك في يوم من الأيام، فإنها ستبكيك دهرا.
وتلك اليد التي امتدت إليك لتخرجك من وحل سوء الأفكار ومن شر ما اقترفت يداك ومن سوء فكره وأخلاقك. الذي ألقيت انت به نفسك، فإنها سوف تسحب نفسها وتختفي الى الأبد. لماذا؟ لأن الإنسان بطبعه دائما ما يردد في داخله “لا خير في ود إمرئ متملق” حلو اللسان وقلبه متعفن. اذا قابلك يحلف أنه بك واثق، وإذا ما توارى عنك فهو العقرب. وسبحان الله عندما كنت ألقا الدكتور عزيز البدراوي وأقول له : “الله يبعد عليك اولاد الحرام” كان يرد علية والابتسامة تعلوه قائلا : “دعي مع خوك بالصحة أما اولاد الحرام بأعرفهم واحدا واحدا”.
وكأنه كان يعلم بنواياهم جيدا وجاءته الفرصة المواتية، وهم من يعطوك من طرف اللسان حلاوة ويروغون منك كما تروغ الثعالب. و الله سبحانه وتعالى يقول في الاية السابعة من سورة إبراهيم : “إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ”. وطبيعة النفس البشرية و للأسف فإنها في حالة حصلت على ما تريد هرولت وراء شهواتها والدنياوية تاركة خلفها من مد لها يد العون، متثاقلة أن تقول كلمة واحدة مؤلفة من أربعة أحرف ألا وهي “شكرا”.
وهذا تماما ما وقع للدكتور عزيز البدراوي ومنذ الساعة التي أعلن فيها إعتقاله واداعه السجن في اطار البحث التمهيدي. ليتحول رفاق الأمس الى خصوم منهم الظاهر ومنهن الخفي، لكن المرحوم الحسن الثاني قال في شأنهم يوما : “إذا رأيتم صديقكم مع عدوكم فعلموا انهما عدوين واحد ظاهر والاخر مخفي”. وهذه القصة بالتحديد ذكرتني بقصة جميلة أسردها لكم للعبرة.
عندما سألت الشجرة يومان فقالوا لها : ما هو أصعب شيء عليك؟ قالت أصعب شيء علية، هي العصى التي يمسك بها الفأس. لأنها تلك العصى هي مني. فأنا لا أتألم من ضربات الفأس القاتلة، ولكن تألمني العصى التي أصلها مني. فهي التي أعانت وقوت الفأس على إحداث الأدى بي وقتلي.
لهذا فإن من أقبح مواقف الحياة هي أن تعض يدا مدت لك يوما بالإحسان. وأن تنكر الجميل على صاحب الجميل، وهل جزاء الإحسان تحول إلا الجحود والنكران؟!!!!.
هذه هي القصة المأساوية للدكتور عزيز البدراوي وكيف تحول حبه وإحسانه إلى نكران وجحود من قبل أصدقائه وأحبته. فقد كان الدكتور عزيز وبشهادة الجميع رجلاً كريماً وحنوناً، يفتح بيته للجميع ويرعاهم ويدعمهم، من الصغير إلى الكبير. ولطالما كان ملاذاً للنازحين والمحتاجين، يبسط عليهم يد العون والمساعدة دون تردد. وكان محبوباً ومقدراً من قبل الجميع.
ولكن ما إن علم الناس بأمر اعتقاله وإيداعه السجن في اطار التحقيق، حتى تغير الموقف تماماً وكأنه مات أو تهيئ لهم أن محكوميته ستكون طويلة. فقد تحول أصدقاؤه وأحبته (…) إلى أعداء، ينهشون في لحمه ويتناسون كل ما قدمه لهم من دعم ومساندة. بل منهم من رمى نفسه في أحضان منافسي الدكتور عزيز، متناسيين بذلك كل مواقفه وصموده في نصرتهم وإكرامهم ولن أبالغ إن قلت ان منهم من إنتشله الدكتور عزيز البدراوي من الفقر الى عالم المال و الاعمال. ومنهم من كان يحلم أن يمتلك دراجة هوائية وأصبح يركب اخر ما انتجته تكنلوجية السيارات، ومنهم من كان يسكن بين القبور حتى بات يمتلك القصور ومنهن من كان ملبسها من سوق المالاشيات وباتت تلبس اغلى الماركات العالمية…والقائمة طويلة.
كان هذا التحول المفاجئ والجحود الذي لاقاه الدكتور عزيز من أقرب الناس إليه، مأساة لا توصف. فكيف يتم نكران الإحسان والوفاء بالجحود والنكران؟ إنه درس قاس في عدم استقرار العلاقات الإنسانية وقوة التأثير السلبي للشائعات والتضليل.
ومع مرور الوقت، تبين أن الاتهامات الموجهة ضد الدكتور عزيز كانت مفبركة ومدفوعة من قبل منافسين حاقدين أرادوا التخلص منه. فقد كان الدكتور عزيز يهدد مصالحهم ومكانتهم في المجتمع بسبب إحسانه ودعمه للفقراء والمحتاجين. وقوة تواجده في السوق. فكما قال لي أحد الأصدقاء فجر يوم كنت أنتظر قرار الوكيل العام بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء رفقة ابني. “صاحبك لن يفرج عنه يا أخي، إنه صراع الحيتان الكبيرة”.
وبينما كان الدكتور عزيز يقبع في السجن، بدأ التخاذل والتراجع في العطاء و المردودية وبات الوضع مسموما ومتعفنا لدرجة أن الجميع بات يحمل بين يديه معاول الهدم، فمنهم من يحفر لزميل له في الشغل وأخر يحفر للشركة ككل لفائدة خصم معروف. زد على ذلك أصدقاؤه السابقون ممن التزموا الصمت ولم يعلقوا ولو بتدوينه واحدة وهم المأثرون ويعرفونه حق المعرفة. وبدل دعمه كما كان يدعمهم فقد تربصوا به وانقضوا على كل ما كان له، متنصلين من كل ما قدمه لهم في السابق.
وللمفاجأة، اكتشف الجميع أن هؤلاء المنافسين الحاقدين هم من دبروا المؤامرة ضد الدكتور عزيز وزرعوا الشكوك في نفوس الناس عنه. وهم من يحاربون في كل الجبهات لكي لا يعانق الدكتور الحرية، لكنهم يمكرون ويمكر الله و الله خير الماكرين. وفي الوقت الذي كان يقبع فيه في السجن، باتت جهات أخرى تتصرف كملاك لمجموعة “أوزون” و “الزيايدة بلاص” وغيرها من المشارع وكما يقول المثل المغربي المعروف “كلها يلغي بلغاه”.
إنها قصة مأساوية عن الإنحطاط الأخلاقي وانعدام الوفاء في المجتمع. فكيف يمكن للإحسان أن ينقلب إلى جحود وعداوة بهذه الطريقة المؤلمة؟ إنها لمأساة حقيقية تحمل درساً قاسياً عن ضعف الإنسان وسهولة استغلاله.
فبعد كل ما مر به الدكتور عزيز البدراوي من ظلم وخيانة من أقرب الناس إليه، لم ييأس ولم يستسلم. فقد كان صبره وإيمانه بالعدالة قويًا. وبينما كان يقبع في السجن، لم يتوقف عن التفكير في كيفية إنصاف نفسه والكشف عن الحقيقة. فعمل بكل ما أوتي من قوة على جمع الأدلة والشهادات التي تثبت براءته من التهم الموجهة إليه.
وختما سيخرج من السجن ويستعيد حقوقه المسلوبة فاعتقاله في الاصل خطأ كبير. فالرجل فاعل إقتصادي قوي في البلاد وله من ضمانات الحضور ما يسد عين الشمس. لن ينسى الدكتور عزيز البدراوي كل من خانه وتآمر عليه، وإعادة النظر في الثقة الزائدة. وبفضل نبل أخلاقه وحكمته، سينجح في إعادة بناء عدد كبير من العلاقات الجيدة. وسيعيد تلميع اسمه المرتبط بمشاريعه كلها، فهو العصامي الذي انطلق من الصفر بطموحه ووفائه وحب الناس له.
في النهاية، سبرهن الدكتور عزيز على أن الإحسان والصبر والعمل الدؤوب من أجل الحق، يمكن أن ينتصرا على الخيانة والظلم. ليصبح مثالاً للرجل الصامد والمبادر الذي لا يستسلم أمام التحديات مهما كانت.