المصطفى الجوي – موطني نيوز
لا شك أن ما طرحه الفيلسوف الأمريكي “آلان دونو” في كتابه “نظام التفاهة” هو تشخيص دقيق لحال المجتمعات المعاصرة، والتي باتت تغرق في ثقافة التفاهة والابتذال.
فكما أشار “دونو”، فإن التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم، وأصبحوا هم السمة البارزة في مجتمعاتنا. فبدلاً من أن تكون القيم والمبادئ الراقية هي المهيمنة، أصبح الفساد والإسفاف والهبوط الأخلاقي هو المسيطر.
وما يزيد الأمر سوءًا هو أن مواقع التواصل الاجتماعي قد ساهمت بشكل كبير في ترويج هذه الظاهرة المقلقة. فأصبح بإمكان أي شخصية سطحية أو فارغة أن تفرض نفسها على الجمهور عبر هذه المنصات، دون أن يكون لها أي قيمة حقيقية أو منتج ذي قيمة مضافة.
وما يؤكد ذلك هو ملاحظة أن كلما تعمق الإنسان في الإسفاف والابتذال، كلما ازداد شهرة وجماهيرية. فالقيم والمبادئ الرفيعة لم تعد هي المعيار للنجاح والشهرة، بل أصبح الفساد والسطحية هما الطريق الأسرع لتحقيق الشهرة والانتشار.
إن هذا الواقع المؤسف يطرح تساؤلات كثيرة عن مستقبل المجتمعات التي تسود فيها ثقافة التفاهة. فما هي العواقب التي ستنجم عن سيطرة الفساد والجهل على المشهد الثقافي والاجتماعي؟ وكيف سيكون حال هذه المجتمعات في ظل غياب القيم والمبادئ الراقية؟
إننا بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في منظومتنا القيمية، والعمل على إحياء القيم النبيلة والمبادئ الراقية. كما أننا بحاجة إلى وضع استراتيجيات فعالة لتطوير وسائل الإعلام والمنصات التكنولوجية، لكي تكون أدوات لنشر الثقافة والمعرفة، لا ترويج للتفاهة والفساد.
إن مستقبل مجتمعاتنا يتوقف على قدرتنا على مواجهة هذا التحدي الخطير، والذي لا يمكن أن نتساهل معه أو نتغاضى عنه. فإذا لم نفعل ذلك، فسوف ينتصر الجهل والفساد على الحق والقيم، وهذا أمر لا يمكن أن نقبله.