المصطفى الجوي – موطني نيوز
في عمق المدينة الضبابية، حيث يتلألأ الثراء وتتجلى الخداعات، كان يسكن “أبو القاسم”، رجلٌ يعتلي قمة النجاح بمفرده، ويحمل على عاتقه ممتلكات وأموالاً تعادل ثروات العديد من البشر. وكانت حياته محاطة بالأنوار الساطعة للثروة، ولكنه لم يكن يعلم أن هناك ظلًا مظلمًا ينتظره في زوايا الظلام ويتربص به.
في أحد الأيام، تعرف على “عاهرة”، فتاةٌ جذبته بسحرها وجمالها، وبسرعة أصبحت جزءًا من حياته!!، ملؤها بالأفراح والسعادة. لكنه لم يكن يدرك أن وراء تلك الجمال الساحر يكمن الخداع والخيانة والسحر السفلي.
بدأت “العاهرة” كجسرٍ مؤدياً إلى عالمٍ مظلم، حيث الأخلاق مجرد كلمات فارغة والغدر والخيانة هما العملة المتداولة. فقد كانت متزوجةً، ولكن زوجها باعها كمجرد قطعةٍ من اللحم المتعفن مقابل مبلغ مالي سلمه له “أبو القاسم”، وهكذا دخلت “العاهرة” حياة “أبو القاسم” كالعاصفة الهادرة التي لا تستقر على رأي.
كانت “العاهرة” في الظاهر فتاةً بريئة ومظلومة، لكنها في الحقيقة كانت وراء سقوط “أبو القاسم” في أقاصي الهاوية. بل كانت سببا في خراب العديد من البيوت التي كانت قريبة من “أبو القاسم” اليت كان يعطف عليها. فقد استغلت كل ثغرة في قلبه لتسيطر عليه بأسلوبها الساحر الممزوج بالقبح والفساد و الخبث، وبدأت بترويج كذبة صدقها البعض أنها زوجته، ما جعلها محل حديث الناس ومصدر طمع الجميع. بل أصبح كل خبث وقبح يلصق بـ “أبو القاسم” الذي بات مقسوما بين عقله وقلبه والسحر المسيطر عليه و الذي لا يعلمه.
ولكن الأمور لم تكن مقتصرة فقط على خيانة “أبو القاسم”، بل كان لصديقه دورٌ كبير في تدبير وحضانة هذه الفتنة فشعاره “أنا ومن بعدي الطوفان” وصجيقه هو في الحقيقة أرقام وخلقها أصفار تنضاف الى حساباته البنكية. فقد كان صديق “أبو القاسم” يعمل في الخفاء مع “العاهرة” لتحقيق أهدافهما المشتركة، مغمورين بالطمع والجشع، حيث أصبح الثروة هدفهما الأول.
وفي هذا السياق الداكن المقيت، بدأت “العاهرة” بنثر سحرها الأسود التي يأثيها عن طريق الرجال المتشبهين بالنساء، في كؤوس الخمر، لتفقد “أبو القاسم” عقله ووعيه، ولغرض طبعا هو أن يصبح عبارة عن دميةٍ في يد “العاهرة”، ترقص على أنغام الخيانة والغدر، بمعية رفاق السوء.
لدرجة أن نهاية “أبو القاسم” كانت نهايةً مريرة، فقد فقد ذاته وكرامته تحت قدمي “العاهرة” وصديقه الخائن وأتباعهما ممن تنكروا لـ “أبو القاسم” الذي كاين يقسم عليهم رزقه، لم يبقَ لـ “أبو القاسم” سوى بقايا من ذاكرته، تذكره بماضٍ كان يعتقد أنه حقيقي، بينما كان يحاصره الوهم والخداع.
وفي ذلك الوقت العصيب، كان هناك بصيصٌ من النور يتسلل بين الظلام، حيث بقيت زوجة “أبو القاسم” وأبناؤه وحاملي راية الصدق والوفاء. رغم كل المآسي والخيانات، استمدوا قوتهم من بعضهم البعض، وبنوا حصونهم من الإيمان والصلابة لأن الله معهم ومع كل صادق.
بينما كان “أبو القاسم” يترنح في عالم الأوهام، كانت زوجته تحارب بكل قوة لإنقاذه، تجاهد لتخلصه من قبضة السحر الأسود، وتعيده إلى حضن الحقيقة والواقع. ومعها كان أبناؤه، يقفون بجانبه بكل وفاء وعشق، محاولين بكل الوسائل إخراجه من هذا الجحيم الذي وقع فيه بسبب عشقه لـ “العاهرة” وثقته العمياء فيها وفي كل من كان يسبح في فلكها ويوهم “أبو القاسم” أنه صديقه و عينه التي يرى بها ويده التي يبطش بها. ليتضح أنهم ضعفاء أمام العاهرات وعبيد للدرهم و الدينار.
ولم يكن الصديق الحميم لـ “أبو القاسم” بعيدًا عن هذه المعركة، فقد اكتشفت حيله والتي تتسم بالغدر لصديقه رغم أن هذا الاخير كان هو الحامي له وستره من كل شر أو أدى، وما وصل إليه من الثروة والسلطة، كله كان بفضل “أبو القاسم” لكن القوى الظلامية التي كانت تقودها “العاهرة” جعلت من الجميع وفي مقدمتهم “أبو القاسم” عبيدا مسلوبي القيمة و الكرامة.
وفي لحظة من الصمت العميق، تلاشت سحب الغدر والخيانة، وظهرت شمس الحقيقة بوضوح، حيث تمكن “أبو القاسم” أخيرًا من الانتصار على الشر والظلام، بمساعدة أحبائه وأصدقائه الأوفياء بعدما إختفى وتوارى عن الانظار لمدة ليست بالقليلة لكنه في أخر المطاف عاد.
ومنذ ذلك الوقت، بدأ “أبو القاسم” في رحلة الشفاء والتجديد، وبدأ يستعيد ذاكرته وعقله السليم، ويعيد بناء حياته وعائلته على أسس الصدق والوفاء. وتلاشت “العاهرة” وخدمها في ظل النور الساطع الذي أضاء طريقه، ليعيد الحياة إلى مسارها الصحيح، ويجد “أبو القاسم” نفسه من جديد، محاطًا بالحب والأمان، مع العلم أنه في كل لحظة يستطيع أن يرى بوضوح بريق الخير والحقيقة يتلألأ في عيون أحبائه.
لكن دعونا نتساءل : لماذا أحب أبو القاسم العاهرة؟ وماذا أعجبه فيها؟ ومن تكون هذه العاهرة؟ ولماذا يحب الرجال بصفة عامة العاهرات؟ وما الفرق بين العاهرات و الصالحات؟
فيما يلي ترجمة النص إلى اللغة العربية الفصحى مع احترام علامات الترقيم:
سأخبركم عن الفروق بين “العاهرات” والفتيات الصالحات ولماذا يحب الرجال “العاهرات”، فالعاهرة هي امرأة تعرف كيف تلعب بالمطالب والعواطف والآنا لتجعله يشعر بأنه شخص مميز، فالعاهرة لا تحتاج إلى أي شيء منك بينما تُظهر رغبتها واحترامها وتقديرها لك، فهي دائمًا راضية عن نفسها. ما يحدث هو أنها بعد أن ترفعك إلى هذا المستوى العالي كما فعلت مع “أبو القاسم”، تأخذك بعد ذلك إلى النقطة الأدنى أسفل السافلين، وهذا شيء طبيعي فهي دون المستوى ومن الطبقة الدونية أكيد ستحركها مشاعرها الانتقامية لتنتقم منك ولو كنت حبيبها فالعرق دساس و “العاهرة” لن تكون الا ذاك وتلك أخلاقها. حيث تبدأ في الشعور بأنها تفلت من بين يديك، كأنها ليست مهتمة كما كانت من قبل، ربما لا ترسل لك رسائل نصية، أو أن الجنس ليس كما كان، لذلك يبدأ الكثير من الرجال في الاستثمار أكثر فيها من حيث المال والوقت والعاطفة تماما كما يفعل “أبو القاسم” لأنه لا يريد أن يفقدها، فـ “العاهرة” تجعل الرجال يشعرون بشكل رائع، ولديها إحساس بالاستقلالية وهذا أمر مهم جدًا يحبه الرجال فيها.
أما الفتاة “الصالحة” فهي التي تحاول أن تكون كاملة وتفعل كل شيء بشكل صحيح للحفاظ على الرجل حولها، فهي دائمًا تعطي كل مالديها بنسبة مئة بالمئة من نفسها وروحها وعلى حساب صحتها، والرجل لا يشعر حقًا بأنه سيفقدها، فهو يشعر بأنها ملكه ولن تذهب إلى أي مكان، إنها تحتاج الرجل لتشعر بالرضا عن نفسها والسعادة، ولكن “العاهرة” هي العكس.
فـ “أبو القاسم” وفي غفلة منا ألقيت فيه علّة العشق، فرأى أول ما رأى “العاهرة” فعشقها. اقترب منها فباعت له نفسها عن طريق الوسيط زوجها، فسارت أمام “أبو القاسم” فتبعها. من يصدق “أبو القاسم” يركض وراء “العاهرة”، و”العاهرة” تفهم جيدا ما تريده، ثم إن فهمت فهي لا تريده زوجًا. كيف لـ “أبو القايم” الحكيم أن يمنحها عاهرات صغيرات، ويناطح بسببها الأكباش “العاهرة” لا تريد زوجها، و “أبو القاسم” يريد “العاهرة”، وارتبك مجمع العائلة و الاهل و الاحباب. فقالوا : “قتلَنا ذلك المجنون، أضاع سمعتنا، نحن الذين لا ترانا العيون إلا وهمًا، أصبحنا نلملمه كل عشية، يركض وراء “العاهرة” في الزرائب، أضحك أسنان الفلاحين الصفراء علينا. جرسنا ذلك الأبله، فماذا نصنع به؟ “أبو القاسم” يحب “العاهرة”، أين شرعه وشرعيته إذن؟”
وهكذا، تبقى الأساطير محفورة في تاريخ البشرية، حيث يتجاوز العشق والغموض حدود الإلهيات والبشرية، وتبقى الأرواح تتعثر في الخرائب، تبحث عن معنى لحياتها، وسط هذا العالم القاسي والمتلاطم، حيث “أبو القاسم” يعشق “العاهرة”، والمتحكمون يتساءلون عن قوتهم ودورهم في هذا الكون الغامض أي العاهرات المتحكمات بالسحر و الشعوذة.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال المحوري : هل يمكن للبشرية أن تكون أكثر من مجرد أساطير تتلاشى في الرمال، أم يجب عليها أن تجد معنى أعمق وأكثر دلالة في هذه الحياة المليئة بالغموض والتناقضات حيث يعشق “أبو القاسم” وهم كثر “العاهرة”؟.