المصطفى الجوي – موطني نيوز
لا شك أن شهر رمضان المبارك هو شهر الخير والبركات، وفرصة سنوية للتقرب إلى الله عز وجل بالصيام والقيام والأعمال الصالحة. لكن في كثير من الأحيان، تغيب الرسائل المهمة عن خطب الجمعة وخطب رمضان، وتقتصر على المعلومات التقليدية المكررة سنوياً.
لذلك، نوجه نداءً إلى كل خطباء المساجد في هذا الشهر الفضيل، ألا يكرروا الحديث المعتاد عن أهمية الصيام وفضله، ولا يككروا الحديث للصائمين عن مقدار زكاة الفطر. وهل يجب اخراجها طعاما أو نقدا؟ فهذا أمر معلوم لدى الجميع. بل لينقلوا رسائل مهمة للمصلين والصائمين، تذكرهم بواجباتهم وحقوقهم التي قد يغفلون عنها.
فليخبروا الصائمين أن من يصوم في بيت اغتصبه، أو يفطر بمال منهوب، فإن صيامه باطل، وكذلك صلاته وزكاته. وليذكروهم بأن من عليه مظلمة لأحد، فعليه أن يردها قبل قبول أي عمل صالح منه.
وليحثوا المصلين على صلة الأرحام، وبر الوالدين، واحترام حقوق الجيران والعمال والخدم، وحرمة المال العام ونهبه أو تبديده. وليذكروهم بمسؤولياتهم تجاه أبنائهم، وتربيتهم على القيم الإسلامية السمحة.
كما يجب عليهم التحذير من المنكرات، كاحتكار السلع والزيادة في الأسعار، وقطع الطريق، والاتجار في المخدرات و الخمور والفساد الإداري، وغيرها من الآفات التي تنخر المجتمع وهم يتفرجون.
وليؤكدوا على أن الدين هو المعاملة، وأن حقوق العباد لا تغتفر إلا بردها إليهم، والتوبة النصوح. وأن إزالة الأذى عن الطريق صدقة، وأن القضاة الظالمين سيكونون في النار.
وليدعوا المصلين إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن رأى منكراً فليغيره بيده إن استطاع، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وهو أضعف الإيمان.
أخبروا الصائمين في خطبكم خلال رمضان، أن المال الحرام لا تخرج مه زكاة و لا صدقة. أن ما بين الله وبينهم هين. فهو الرحمان الرحيم العظيم الذي يغفر الذنوب جميعا. و لا تعقدوا الأمور وتصعبون الدين. أن حقوق العباد لا فكاك منها الا بالثوبة وارجاعها الى أهلها. أخبروهم ثم أخبروهم حتى تتحقق الغاية من الصيام و القيام لعلكم ترحمون.
فبهذه الرسائل القيّمة، وغيرها الكثير، يمكن لخطباء المساجد أن يحققوا الغاية الحقيقية من الصيام والقيام في شهر رمضان المبارك، وهي تزكية النفوس وتهذيب الأخلاق، لعل الله يرحمنا ويتقبل منا صالح الأعمال.
على خطباء المساجد أن يبدعوا في خطبهم خاصة في رمضان وخطب الجمعة، وأن يعلموا ان المسلمين ما يهم هو المعاملات أما العبادات فمقدور عليها. فالمسلمون بحاجة ماسة إلى توجيهات عملية تصلح شؤون حياتهم ومعاملاتهم مع الآخرين بعدما أصبح العديد منهم ملمًا بأركان العبادات وشرائعها.
وعلى خطباء المساجد أن يدركوا هذه الحاجة ويبدعوا في خطبهم لسد هذا الفراغ، من خلال :
1. استشهاد واقعي بالمشكلات والقضايا الاجتماعية والأخلاقية التي يعاني منها المجتمع المسلم، كالظلم والفساد والاحتكار وغيرها، وربطها بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية ذات الصلة.
2. إيراد القصص والأمثلة الحية من واقع الحياة التي تجسد المعاني والقيم الإسلامية العظيمة في المعاملات، كالعدل والإحسان والرحمة والصدق والأمانة وحفظ الحقوق.
3. عرض الحلول العملية لهذه المشكلات في ضوء الشريعة الإسلامية، من خلال بيان الحقوق والواجبات للأفراد والجماعات تجاه بعضهم البعض، وتجاه المجتمع ككل.
4. الاستعانة بالإحصائيات والدراسات الميدانية لإبراز حجم المشكلات وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع، مما يزيد من إقناع المستمعين بضرورة التصدي لها.
5. تكليف لجان من العلماء والمفكرين والمختصين لإعداد خطب متميزة ومبتكرة حول المعاملات، تتضمن رؤى وأفكارًا جديدة تلامس احتياجات الناس في واقعهم المعاش.
بهذه الطرق وغيرها، يستطيع خطباء المساجد جذب اهتمام المصلين وإشراكهم في معالجة قضاياهم الحياتية، وتحقيق الغايات السامية من الصيام والعبادات في تزكية النفوس وإصلاح المجتمع على المنهج القويم.
والله الموفق