المصطفى الجوي – موطني نيوز
في خطوة غير مسبوقة، لجأت عصابات المخدرات وباقي المافيات العاملة في المجال غير الشرعي إلى سوق الذهب لتبييض أموالها وحمايتها من المخاطر الاقتصادية والتقلبات في الأسواق العالمية.
وفي ظل ارتفاع أسعار الذهب إلى ما يناهز 600 درهم للغرام الواحد، أقدمت هذه العصابات على شراء كميات كبيرة من الذهب من محلات المجوهرات في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء، طنجة والناظور وغيرها، قبل إيداعها في خزائن فولاذية آمنة إلى حين الحاجة إليها لإعادة بيعها والحصول على السيولة النقدية.
هذا التحرك غير المألوف من قبل هذه الجهات أثار مخاوف تجار الذهب وجعلهم يراسلون الهيئة الوطنية للمعلومات المالية بالإضافة إلى تقليص معروضاتهم خشية تعرضهم لخسائر كبيرة جراء هذه الحركة غير الواضحة الأهداف والتي تهدد استقرار سوق المجوهرات في المغرب.
ويأتي لجوء عصابات المخدرات والمافيات إلى سوق الذهب كملاذ آمن لأموالهم في ظل التقلبات الاقتصادية والمخاطر التي تهدد استثماراتهم التقليدية، حيث يعتبر الذهب ملاذًا آمنًا للاستثمار في أوقات عدم الاستقرار.
لكن هذه الخطوة تثير تساؤلات حول مدى قدرة السلطات على مراقبة ومتابعة هذه الأنشطة غير المشروعة والحد من تبييض الأموال القذرة في سوق الذهب، كما سبق وفعلوا في القطاع العقاري وهو ما قد يهدد سمعة المغرب واقتصاده على المدى الطويل.
فقد شهدت المدن الكبرى في المغرب بعد الحملة التطهيرية التي تقودها الدولة ضد الفساد إلى ازدهارًا السوق السوداء للذهب، حيث تنشط شبكات إجرامية متخصصة في تهريب وبيع الذهب المهرب من دول الجوار وحتى من دول أوروبية.
ومن يدري فقد تستغل هذه العصابات السوق السوداء للذهب لتبييض أموالها القذرة وإخفاء مصدرها غير الشرعي، حيث يتم شراء كميات كبيرة من الذهب المهرب بأسعار متدنية لا تتجاوز 400 درهم للغرام الواحد، ليتم لاحقًا إعادة بيعها في سوق المجوهرات الرسمية بأسعار السوق الحالية البالغة 600 درهم أو أكثر للغرام الواحد.
فهذه الممارسات غير القانونية تهدد بشكل خطير سمعة قطاع المجوهرات في المغرب، كما تعرض تجار الذهب الشرفاء للخسائر جراء المنافسة غير العادلة مع المتورطين في هذه الشبكات الإجرامية.
ولمواجهة هذا الوضع، لابد أن تقوم السلطات المغربية بتشديد الرقابة على تجارة الذهب وزيادة عمليات التفتيش على محلات المجوهرات، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع دول الجوار لمكافحة تهريب الذهب عبر الحدود.
بالإضافة إلى تشديد العقوبات على المتورطين في هذه الشبكات الإجرامية، وفرض غرامات مالية باهظة على تجار المجوهرات المتواطئين معها وحجز ممتلكاتهم المتحصلة من هذا النشاط المشبوه، بهدف القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الاقتصاد الوطني.
وليست هذه هي المرة الأولى فقد سبق للسلطات المغربية أن كشفت عن عمليات تهريب كبرى للذهب نحو المغرب، تشرف عليها مافيا تركية بتواطؤ مع مغاربة، افتضح أمرها بعد قرار السلطات المغربية وقف العمل برخص التصدير المؤقت التي تسمح للصناع والحرفيين بتصدير حلي ومجوهرات لإعادة تصنيعها في الخارج، الأمر الذي كبد الدولة خسائر تقدر بالملايير.
حيث تبين أن نسبة كبيرة من الحلي والمجوهرات المعروضة بالأسواق الوطنية مصدرها الخارج، خصوصا تركيا، أدخلت بطرق سرية، بتنسيق بين مافيا تركية وعناصرها بالمغرب، ما جعلها بعيدة عن رقابة الدولة ومؤسساتها الجمركية والمالية.