المصطفى الجوي – موطني نيوز
تعتبر عائلة آل عكاشة واحدة من أبرز العائلات التي ارتبط اسمها بالسلطة والنفوذ والمال والاعمال في إقليم بنسليمان، وبالتحديد في جماعة موالين الواد التابعة لقبيلة أولاد زيان. علما أنهم لا ينحدرون من الإقليم ولا تربطهم أي علاقة بإعتبارهم أمازيغ.
فقد استطاعت هذه العائلة على مر السنين أن تحتكر مناصب مهمة سواء في المجالس المحلية، الاقليمية أو البرلمانية وحتى مجلس المستشارين، إلى جانب امتلاكها لمصالح اقتصادية في مجالات مختلفة كالعقار والأراضي الفلاحية والصيد في أعالي البحار.
لكن ورغم هذا النفوذ والمكانة والمال والسلطة، إلا أن عائلة آل عكاشة لم تساهم بشكل فعال في تنمية وتطوير إقليم بنسليمان بصفة عامة وجماعة موالين الواد بصفة خاصة أو حتى خدمة الساكنة، حيث لا تزال بناية مقر الجماعة في حالة مزرية شاهدة على إخفاقات آل عكاشة، اللهم بعض مساحيق التجميل، ولم يتم تشييد مقر جديد رغم مرور السنين. علما أن المرحوم برحمة الله السيد مصطفى عكاشة ترأس هذه الجماعة أواخر السبعينيات وحتى وفاته عام 2008.
والصادم أنه رغم ثراء هذه العائلة الفاحش، فإن بناء مقر للجماعة لا يستدعي من أحد أفرادها سوى القليل من ماله، إلا أن المصلحة العامة لم تكن في أولوياتهم.
فعلى سبيل المزاح، فثمن حذاء أصغر أبناء آل عكاشة الإيطالي الصنع يكفي لتمويل بناء مقر جماعة متكامل الخدمات والتجهيزات، إلا أن هذه الأموال ظلت في جيوب العائلة دون استثمارها في خدمة الصالح العام.
وهذا يعكس مدى إنعدام الوعي لدى هذه العائلة بأهمية تنمية المنطقة وتلبية إحتياجات الساكنة، حيث ظل إهتمامهم منصباً على المناصب السياسية والمكاسب الشخصية دون النظر لما حولهم من تخلف وفقر.
لذلك، فمن الضروري أن تتحمل عائلة آل عكاشة مسؤولياتها تجاه إقليمها وأهلها، وأن توجه جزءاً من ثروتها نحو مشاريع التنمية المحلية، بدل استغلال موارد وإمكانيات المنطقة لتحقيق مكاسبها الخاصة.
فالاقليم أعطى لعائلة آل عكاشة الكثير وفي المقابل، ماذا أعطت عائلة آل عكاشة لهذا الاقليم وساكنته؟!.
فمن يجهل من تكون هذه العائلة سأحاول قدر الإمكان تنوير الرأي العام الوطني و المحلي بمن تكون هذه العائلة وأين وصل نقوذها…والبداية ستكون مع عراب العائلة وأقواها ومؤسسها.
مصطفى عكاشة المزداد عام 1933 والذي وافته المنية بتاريخ 13 نوفمبر 2008. المعروف عنه أنه كان رجل أعمال وسياسي مغربي، ومن مؤسسي حزب التجمع الوطني للأحرار، ترأس المرحوم مجلس المستشارين ما بين 2000 و 2008.
ومنذ ميلاده وحتى مماته، عاش المرحوم مصطفى عكاشة الكثير من المحطات. فولادته كانت بمدينة الدار البيضاء سنة 1933، حيث تابع فيها دراستى الابتدائية و الاعدادية لينهيها بحصوله على شهادة الباكالوريا سنة 1954 في شعبة الأدب الفرنسي، وتابع تكوينه في مجال القانون وتدبير المقاولات، ليدخل في سن مبكرة لعالم المال و الاعمال في القطاع الخاص أسس بموجبها عدة شركات كان هو المشرف على إدارتها. ومن بينها شركة الصيد البحري المغربية ـ الكورية سنة 1978، وشركة “ماك فيشرى” في إطار التعاون المغربي ـ الياباني.
ليترأس بعد ذلك الجماعة القروية موالين الواد بإقليم بن سليمان لخمس ولايات، ثم المجلس الإقليمي، حيث تقلد كذلك منصب النائب الثاني لرئيس مجلس جهة الشاوية ورديغة. وفي سنة 1977 أنتخب عضوا بمجلس النواب، حيث ترأس اللجنة الفرعية المكلفة بقضايا الصيد البحري التي يستثمر فيها مسبقا ويعرف خباياها. لكن طموحه لم يتوقف عند هذه الحدود فقد كان المرحوم مصطفى عكاشة من مؤسسي حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي أسسه أحمد عصمان في أكتوبر 1978 وهو حزب ليبرالي من يمين الوسط الموال للقصر الملكي، وقد استقطب الطبقة البرجوازية لا غير حيث أن 15 عضوا من أعضاء مكتبه السياسي البالغ عددهم 25 رجال أعمال.
ليصبح بعد ذلك منسقا للحزب بجهة الشاوية ورديغة وهو نفس المنصب الذي ورثه منه إبنه حسن عكاشة وسيأتي بعده ياسين عكاشة هذا في حالة لم يقع اي انشقاق بين العائلة والجيل الجديد لآل عكاشة. وخلال الثمانينات ترأس كذلك لجنة العشرين المكلفة بتصفية حسابات المجلس. وفي سنة 1997 أنتخب نائبا أول لرئيس مجلس المستشارين، وفي سنة 2000 أنتخب رئيسا للمجلس لتجدد الثقة فيه ويعاد غنتخابه في أكتوبر سنة 2006 للمرة الثالثة كرئيسا لمجلس المستشارين. حيث استمر في هذا المنصب إلى يوم أسلم روحه لبارئها بتاريخ 13 نونبر 2008 بمسقط رأسه الدار البيضاء.
دون أن ننسى تأسيسه رحمه الله وتسييره للعديد من الجمعيات ومقاولات المهنية من بينها الجمعية المهنية لأصحاب سفن الصيد بأعالي البحار، والتي ظل يتزعمها لأزيد من 10 سنوات، كما شغل رحمه الله منصب نائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وكان عضوا بالمجلس الوطني للاصحاب العمل المغاربة، ورئيسا سابقا للغرفة الفلاحية للدار البيضاء وسطات.
كل هذا الزخم من المناصب وما تعرفه من سلطة ونفوذ. لم يستطع المرحوم مصطفى عكاشة بأن يعطي إضافة لإقليم بنسليمان. بل النكى من هذا كله لم يقوى على هدم البناية القديمة للجماعة التي كان لها الفضل في كل هذا وإعادة بناء مقر جديد. بل ما يثر الدهشة و الاستغراب وهو أن جل أعماله الخيرية رحمه الله كانت ترصد لأشخاص وجمعيات لا علاقة لهم بإقليم بنسليمان رغم أن ساكنة هذا الاقليم المنكوب هي من تصوت له وهي وضعته فوق رؤوسها. بحث كان رئيسا للمركب الخيري بنمسيك سيدي عثمان في الدار البيضاء، ورئيسا لجمعية رعاية مرضى القصور الكلوي ببنمسيك كذلك، بالإضافة إلى تقلده منصبه نائب رئيس جمعية “كاريان سانطرال” بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء. وعضوا بالمجلس الوطني للشباب والمستقبل. لتبقى حصيلته باقليم بنسليمان صفر.
ليخلفه نجله حسن عكاشة بنفس الحمولة و نفس الثقل السياسي و المالي و المقاولاتي. وليخلف واده كذلك على رئاسة جماعة موالين الواد ومقعد مجلس النواب مابين 2016 و 2021 ترأس خلالها لجنة القطاعات الإنتاجية. بالاضافة الى تواجده كذلك كنائب بمجلس المستشارين. والذي بدوره لم يعطي أي قيمة مضافة لا لجماعته التي ظل يرئسها منذ وفاة والده ولا للإقليم. بل قام فقط بتبادل الادوار بين مجلس النواب ومجلس المستشارين فيما بينه وبين زميله في حزب التجمع الوطني للأحرار شفيق رشادي، فالاخير حتى هو بدوره لم يعطي أي شيء لجماعة مليلة.
ليبقى الوضع على ما هو عليه حتى انتخابات 2021 التي أسفرت عن نجاح الإبن الأصغر لعائلة آل عكاشة “ياسين” بعد تراجع شقيقه “حسن” عن الترشح للانتخابات أو اي إنتخابات لاحقة بسبب الوعد الذي قطعه لأبنائه وبان يتفرغ لعائلته.
إذن المشهد السياسي بهذا الإقليم لم يتغير، وأن التغيير الذي كان هو في المواقع. تراجع حسن عكاشة و تقدم ياسين عكاشة بعد إستبعاد غريمهم التقليدي في الحزب “شفيق رشادي”.
المهم وبالعودة لمنجزات عائلة آل عكاشة، فإن الحصيلة والى يومنا هذا هي “صفر”. حتى في عهد الإبن الأصغر للمرحوم مصطفى عكاشة، هذا الأخير الذي أغرم بالمنصب وبدل التقرب من الساكنة فضل أن يرتمي في حضن الحكومة التي يسيرها صديق العائلة ورئيس الحزب عزيز اخنوش.
المهم فبالرغم من كل هذا التاريخ الطويل لعائلة آل عكاشة والذي إستمر لحوالي نصف قرن (50 سنة) أي منذ تولي المرحوم مصطفى عكاشة لزمام الشأن المحلي وحتى ياسين عكاشة، فقد ظلت هذه الجماعة المنكوبة تحت سيطرة هذه العائلة دون أي إضافة بدليل انهم لم يستطيعوا بناء بناية جديدة تخصص كجماعة بل حافظوا على نفس البناية وكأنها ثرات وجب الحفاظ عليه.
رغم قيادتهم للحكومة المغربية الجديدة واكتساحهم لجهة الدار البيضاء سطات والغرف المهنية. أما على الصعيد الإقليمي فإلى جانب المقعد البرلماني الذي يشغله ياسين عكاشة، فهم يحتكرون كذلك رئاسة المجلس الإقليمي ورئاسة مجموعة من الجماعات القروية.
ومع ذلك لم تستطع هذه العائلة والى حدود الساعة من جلب إستثمارات مهمة تعود بالنفع على الإقليم، بل انها لم تستطع جلب اعتماد مالي لبناء مقر الجماعة كما فعلت جماعة أولاد علي الطوالع وسيدي بطاش. فحتى في مجال المساعدات الإنسانية لم نرى أو نسمع عن مؤسسة خيرية لهم في الإقليم بل جل ما يتم توزيعه هو من جيب مؤسسة “جود” التي أغرقت البلاد في القفف.
وبالنهاية نتوجه بمجموعة من الأسئلة إلى السيد النائب البرلماني المحترم “ياسين عكاشة” بإعتباره البرلماني الوحيد الذي لا يتخلف عن أي نشاط بالاقليم أو أي جلسة بالبرلمان. لنقول له : ما هي أهم إنجازاتك خلال السنتين الماضيتين من ولايتك الحالية؟ وكم عدد الاستثمارات التي جلبتها للإقليم بصفة عامة أو لجماعتك بصفة خاصة؟ وكم هي الاعتمادات المالية التي رصدتها حكومتك بإقليم بنسليمان؟ وكم عدد الأسئلة الشفهية والكتابية التي طرحتها في البرلمان؟ وفي أي مجال؟.
نحن لا نبخس الناس اعمالهم، ولكن الواقع يتحدث عن ما تم إنجازه بهذا الإقليم، أما التاريخ فيسجل كل صغيرة وكبيرة والله من ورائهم محيط.
إن الحالة في إقليم بنسليمان تدعو للأسى والقلق. فقد تحولت مدينة بنسليمان من مدينة نشيطة وحيوية إلى مدينة تعاني من إهمال شديد وانتشار الفقر.
للأسف، إن سبب هذه الكارثة هو الفساد السياسي والإداري من قبل المسؤولين المنتخبين الذين يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب مصلحة المواطنين. فبدلاً من توفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وبنى تحتية، ينشغل هؤلاء المسؤولون بشراء الأصوات والحصول على المناصب.
والمواطن هو الضحية، فقد تحول صوته إلى سلعة تُباع وتُشترى من قبل الساسة الفاسدين الذين لا هم لهم سوى تحقيق مآربهم الشخصية.
إن الحل يكمن في رفع الوعي لدى المواطنين بأهمية اختيار الممثلين النزيهين والأكفاء الذين سيعملون من أجل مصلحة المدينة والاقليم، وليس من أجل مصالحهم الضيقة. كما يجب محاسبة الفاسدين ومنعهم من الترشح مجددًا. لأننا نأمل أن تشهد بنسليمان يومًا ما الازدهار والرخاء مجددًا بفضل جهود أبنائها الشرفاء ولا مكان للدخلاء.
ختاما أقول، جماعة موالين الواد والمعروفة لدى العامة بأولاد زيان، هي الجماعة الوحيدة التي تعاقب على حكمها ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة لمدة 45 سنة والى يومنا هذا. وهم المرحوم مصطفى عكاشة الأب (1978-2008)، حسن عكاشة الإبن (2008-2021) وياسين عكاشة الإبن (2021) ولا يزال الحكم مستمرا إلا أن تقوم الساعة. دون ان تعرف هذه الجماعة أي تغير في بنيتها التحتية أو ترقى إلى مصاف الجماعات النموذجية في المغرب لأن 45 سنة وما يزيد تتغير فيها أجيال وتختفي فيها أمم ويتغير الحال إما إلى الأحسن أو العكس.