المصطفى الجوي – موطني نيوز
أرسل القائد موسى بن نصير في عهد الخلافة الأموية (662 ـ 750 ميلادية) القائد الشاب الأمازيغي طارق بن زياد عام 711 للميلاد بجيش إلى القوطيين (قبائل ذات أصول جرمانية تعود جذورها إلى مناطق شرق أوروبا) وانتصر عليهم في معركة جواد ليتي (وادي برباط). وبعد الانتصار أصبحت الأندلس تحت الحكم الأموي.
وانتشر الإسلام في الأندلس بعد فتحها من طرف المسلمين، وأصبحت في عهد خلافة الأمويين تحديدا من أكثر دول العالم علما ومدنية وتحضرا، واستقطبت الباحثين عن العلم والمعرفة من مختلف بقاع أوروبا والعالم.
وبعد سقوط الخلافة الأموية عام 132 هجرية، سادت الأندلس حالة من الفوضى والارتباك، وفي عام 995 للميلاد (385 للهجرة) قامت كل طائفة أو عائلة بارزة بإعلان الاستقلال في مدينة من المدن وما يحيط بها، فتمزقت الأندلس إلى 21 دويلة وبدأت فترة حالكة في تاريخها.
ومرت فترة ملوك الطوائف بضعف ونزاعات وخلافات كثيرة، وانتهزت الممالك الإسبانية هذه الفرصة للقيام بحركة استرداد كبيرة، ونجح الملك فرديناند الأول في الاستيلاء على العديد من المدن الإسلامية.
وهاجم الإسبان المسلمين وانتصروا عليهم في طليطلة عام 1085 ميلادية وسيطروا على المدينة، فانتهى عهدهم بها.
الأندلس سقطت على مراحل نتيجة أخطاء وكوارث وخيانات من أرض شاسعة لإمارة صغيرة ثم اختفت و من أهم هذه الأحداث :
1) إضطهاد وقتل الفاتحين :
في عام 716م قام الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك بعزل الجنرالات العسكريين لاخيه الخليفة الوليد بن عبد الملك ، فكما قام بعزل ثم قتل جنرال الجيش الاموي الشرقي الذي وصل لحدود الصين قتيبة بن مسلم الباهلي ، فانه قام بعزل جنرالات الجيش الاموي الغربي الثلاث موسى بن نصير وطارق بن زياد وعبد العزيز بن موسى بن نصير الذين فتحو الاندلس و اتجهو لفتح فرنسا و ايطاليا ، فقال ابن عذاري بأن سليمان بن عبد الملك نكب موسى بن نصير وطارق بن زياد، ثم أمر بقتل عبد العزيز بن موسى بن نصير وحُملت رأسه إلى الخليفة سليمان بن عبد الملك، فعرضها على موسى بن نصير قائلاً: «أتعرف هذا؟»، فقال: «نعم أعرفه صوّامًا قوّامًا، فعليه لعنة الله إن كان الذي قتله خيرًا منه»، وأما طارق بن زياد فمصيره مجهولا فقيل أنه قتل وقيل أنه أصبح متسولا في آخر حياته ، ويعتبر اضطهاد الفاتحين خطأ كبير فقد كانوا قادرين على فتح مساحات أخرى بعد الأندلس، وكان موسى بن نصير يملك مخطط كامل لفتح أوروبا كلها والوصول للقسطنطينية من الغرب.
2) الهزيمة في معركة بلاط الشهداء
في عام 732م وقعت معركة بلاد الشهداء وسط فرنسا بين الجيش الأموي بقيادة والي الأندلس عبد الرحمن الغافقي وبين جيش بلاد الغال بقيادة شارل مارتل، والتي إنتهت بهزيمة كارثية أدت إلى إنسحاب الأمويين وسقوط المناطق التي كانوا يسيطروا عليها في بلاد الغال -فرنسا اليوم-.
وأما أسباب الهزيمة فهي كثيرة وأهمها أن عبد الرحمن الغافقي لم يتبع أسلوب من سبقه من الولاة في أن السيطرة يجب أن تكون بالتدريج لإختلاف طبيعية الحكم وقوته في بلاد الغال عن بلاد القوط، وكذلك لعدم دراسة مناخ بلاد الغال ووعورة مسالكها، وأيضا نتيجة الإبتعاد عن قواعد تموين الجيش، وكانت مناطق بلاد الغال تشكل حاجز يحمي الأندلس.
3) عدم القضاء على الممالك الإسبانية الصغيرة
بقي في شمال الأندلس ممالك إسبانية صغيرة مثل ليون ونافار واستورياس وجيليقية، واستطاع الأمير الأموي عبد الرحمن الداخل أن يؤسس إمارة أموية قوية مزدهرة في الأندلس عام 756م، وتمكن وخلفائه من الأمراء الأمويين الأقوياء من الدخول لهذه الإمارات، ولكن وقعوا في خطأ وهو أنهم استخفوا بها فكانوا يكتفون بوضع حامية عسكرية وبأخذ الجزية وإعلان التبعية ، في حين كان يجب أن يقضوا عليها وأن يزيحوا عائلاتها الملكية ويدمجوها في الإمارة الأموية بشكل مباشر، وعدم قيامهم بهذا الأمر أدى لتوسع هذه الممالك الإسبانية الصغيرة واستطاعت أن تسيطر على كامل أرض الأندلس بالتدريج.
4) إسقاط الخلافة القرشية الأندلسية
لقد عاشت الأندلس زمن الإمارة الأموية أجمل أيامها حيث كانت الأسرة الأموية القرشية تمثل مصدر وحدة وإجماع لكافة قبائل الأندلس الذين يرون في الأمويين أسرة قرشية ذات مكانة وتمثل موقع الحياد بينهم، ولكن وقع الأمير الأموي الحكم المستنصر في خطأ حينما عين إبنه الطفل هشام المؤيد وليا لعهده ولم يعين أحد إخوته الكبار، فتولى الأمير الأموي الطفل هشام المؤيد الحكم عام 976م، فاستغل الحاجب ابن أبي عامر صغر عمر الأمير المؤيد فقام بتعطيل الحكم الأموي، وإقصائهم بشكل فعلي، فسقطت هيبة الخلافة وميثاق الإجماع مما أدى لفتن لاحقا، وعلى الرغم من ظهور أمراء أمويين حاولوا إعادة الدولة ولكنهم دخلوا في صراعات وأصبحت قبائل الأندلس تدعم أمير ضد أمير آخر ثم إنقسمت الأندلس و بداية الفتنة الكبرى بين البربر و العرب و انقسام البلاد لملوك الطوائف.
5) التنازل عن 96 قلعة في شمال الأندلس
في عام 1008م تنازل الأمير الأموي محمد المهدي عن 96 قلعة في ثغور الاندلس حيث قام بتسليمها لملك قشتالة سانشو غورسية مقابل أن يقطع الإمدادات عن منافسه المتمرد الأمير الأموي سليمان المستعين، وكان هذا التنازل هو النقطة الأساسية في قلب المعادلة فتحول الأندلسيين إلى مدافعين بعد أن كانوا مهاجمين والطرف الأضعف بعد أن كانوا الأقوى، حيث هذه القلاع تشكل شريط عسكري إستراتيجي يحمي الأندلس ويكون كذلك منطلق لحملات عسكرية ضد الممالك الإسبانية.
6) عدم إستغلال الإنتصار في معركة الزلاقة
في عام 1086م إستطاع أهل الأندلس والمرابطين أن يحققوا إنتصار ساحق على الإسبان في معركة الزلاقة، وكان من الواجب أن يتم إسترداد طليطلة ومناطق أخرى بعد انتهاء المعركة، ولكن عاد أمير المرابطين يوسف بن تاشفين إلى المغرب بسبب وفاة إبنه وولي عهده أبي بكر المكلف بإدارة أمور المغرب، وكذلك بسبب تمرد والي سجلماسة إبراهيم بن أبي بكر.
7) إنقلاب الموحدين ونهاية المرابطين
في عام 1118م بدأ تمرد الموحدين على حكم المرابطين في المغرب والأندلس، فاستغلوا إنشغال المرابطين بالقتال في الأندلس ليقوم الموحدين بثورتهم ، وهذا أدى لضعف المرابطين وسحب قسم من قواتهم من الاندلس ونقلها إلى المغرب، وكانت هذه خسارة للأندلس حيث خلال فترة حكم المرابطين إستطاعوا أن يستردوا بلنسية وكل المدن التابعة لها عام 1102م وانتصروا في معركة أقليش عام 1108م واستردوا أقليش وقونكة وأقونية وكونسويجرا، وفي عام 1114م وصلوا لجبال البرانس ودمروا الكونتيات الكاتالونية الممتدة بين برشلونة إلى جبال البرانس، وفي عام 1117م تم فتح قلمرية.
8) خيانة أسرة إبن هود
في عام 1146م وقعت معركة جنجالة والتي هزم فيها الأندلسيون هزيمة ساحقة وسيطر الإسبان على مساحات واسعة من شرق الأندلس، ولتكون هذه نهاية خيانة اسرة ابن هود، حيث كانت هذه الحملة بطلب من سيف الدولة بن هود الذي كان يعتقد بأن الإسبان سيساعدوه على حكم شرق الأندلس ولكنهم غدروا به وقتلوه، ويذكر أن أباه عماد الدولة بن هود شارك الأسبان وساعدهم على إسقاط سرقسطة نهاية عام 1118م.
9) تعاطف السلطان يعقوب مع نساء ملك قشتالة بعد إنتصاره في معركة الأرك
في عام 1195م، وقعت معركة الأرك التي إنتصر فيها جيش الموحدين على جيش مملكة قشتالة بقيادة الملك ألفونسو الثامن وكان نصرا ساحقا فهرب الملك ألفونسو الثامن إلى مدينة طليطلة، وأكمل السلطان المنصور مسيرته في أراضي مملكة قشتالة حتى وصل إلى طليطلة عاصمة قشتالة وضرب عليها حصارا، وعزم على أخذ طليطلة، ولكن خرجت له والدة ألفونسو الثامن وبناته ونساؤه وبكين بين يديه، فقرر التراجع عن طليطلة، والموافقة على الصلح، وهذا الأمر ندم عليه لاحقا.
10) خيانة وضعف أسرة بنو الأحمر
في عام 1228م إستطاع محمد بن هود الجذامي السيطرة على الأندلس وإخراج الموحدين، وقام بتجميع جيش ليحارب الإسبان ويسترد ما ضاع، ولكنه تعرض للغدر من محمد الأول إبن الأحمر الذي تمرد ضده، وبل تحالف مع الإسبان وساندهم وشاركهم في حصار وإسقاط قرطبة وإشبيلية وكان هدفه أن يحصل على إمارة صغيرة وكانت هذه الإمارة هي إمارة غرناطة ليكون أول ملوك بنو الأحمر.
وأما الملك أبو عبد الله الصغير فهو آخر ملوك بنو الأحمر وهو أيضا كأول ملوكها من أسوأ الشخصيات في التاريخ الأندلسي، فقد كانت إمارة غرناطة زمن أبيه الملك أبو الحسن دولة قوية حصينة وإنتصرت على الإسبان في عام 1478 م وسيطرت على مدينة الزهراء، ولكن قام أبو عبد الله الصغير بالتمرد على أبيه ثم عمه الذي إنتصر على الإسبان في معركة مالقة عام 1483 م، وتحالف ابو عبد الله الصغير مع الإسبان، وهذا أدى انشقاق في داخل إمارة غرناطة، وحتى بعد وصوله للحكم وسلم أغلب أراضي إمارة غرناطة للإسبان مقابل العرش، وفشل الإسبان في دخول غرناطة آخر المعاقل الأندلسية بالقوة، فقاموا بشراء الوزراء الفاسدين والذين زينوا لأبو عبد الله الصغير تسليم غرناطة وهذا ما أدى إلى تسليمها عام 1492م، حيث بعد سقوطها تم إكتشاف أن غرناطة كانت تحتوي على مواد غذائية ومعدات عسكرية تكفيها للمقاومة والصمود لزمن طويل جدا.