بقلم دعاء اشرف – موطني نيوز
سبب عتاب قوم المقنع الكندي له:
بسبب ديونه.
من المعروف عن هذا الشاعر أن أغلب قصائده الخاصة كانت تبدأ وتستهل بالتحدث عن ما فعله قومه به من استهزاء واتهامه بأمور غير صحيحة ثم يعاتبهم، وكان ذلك العتاب بشكل مستمر ودائم ويلقي عليهم اللوم لأنهم كانوا يعارضونه على جميع أفعاله، وكان جميع كلامهم مقتصر على أنه يفعل بنفسه السوء الذي يقوده إلى الفقر.
وعن ديون المقنع الكندي فهو يقترض أشياء كثيرة وأموال كثيرة، وقالوا له ذات يوم أن السبب في الديون الواجبة عليك هو فرط يدك وعطائك، فأنت لا ترد أي محتاج وتساعد كل فقير يطرق بابك، وتأخذ بيد السائل، ولكن هم لم ينظروا إلى الجانب الإيجابي الخاص بالعطاء ووهب الخيرات وتجاوز جميعهم عنه، فهم لم يدركوا أن كل ذلك يُنفق في سبيل الله ولا يضيع أجره .
فهو يفك كرب الدنيا الواقع فيها غيره، لم ييأس الشاعر ولم يلتفت إلى كلام قومه، فهو قال إني أعتز بتلك الديون التي أنا واقع فيها وأفتخر فخرا شديدا لان السبب في ديوني هو تحملي لكافة الأثقال التي وقع فيها قومي وقال لهم مروءة الرجل تُعرف بكثرة ما عليه وديونه، كما أنه قال إن الدين أحد مواسم الأشراف .
أيضا الدين ميسم الكرام وقال لهم أن المتدين لن يكون بخيل أبدا، فالبخل ليس من صفات المؤمن، وكان هناك مجموعة من الأركان التي يجب تفسيرها لكي يتم وضوح ما بها من معاني في قصيدة نكتٌ ومنها:
أن الشاعر كان يقوم بالهجوم على ما لا يريده ويريد أن يكافح، وهذا أمر جيد للغاية فهو يحدد ما يريد أن يفعل وما يريد تناوله من خلال شعره، وكان يباعد عن التصريع في شعره .
كان يقول على أهله قومي وكان ينسب نفسه لهم مثلما ينسبها له فهو معتز بهم للغاية، وهذا يوحي بمدى الاختلاط بهم ويريد أن يبلغهم رسالة وهي أنهم متآخين، ويجب كلا منهم يفخر بالآخر فما يعزز منه يعزز منهم جميعا وما يرفع من شأنه سيرفع من شأنهم جميعا، كما كان يؤكد عليهم بأن مجده الخاص هو مجدهم وكذلك هم، وإن اللوم الموجهة له ما هو لوم موجهه لهم أيضا.
كان يقول الشاعر أيضا إنما ديوني في أشياء، وهنا أحسن الشاعر الصياغة والتعبير حيث أنه قام باستخدام أداة الحصر التي وضحت أمر هام وهو أن الأموال التي كان يستدين لم يتم إنفاقها أبدا في ما هو شر أو غير نافع، فهو لم يستخدمها في لعب الميسر أو لجلب الخمر، بل هو ينفقها في وجه الله ويتعود عليه بالثناء والدعاء الخالد الذي سيرفع من شأنه .
أوضح الشاعر الواجهة التي يتم إنفاق الأموال فيها فهو قال في أشياء تكسبهم حمدا، وهذا التعبير جميل لأنه بث في نفوس البشر التشوق إلى تلك الأمور التي تعود بالكثير من الخير، والصياغة كانت مليئة بالتشويق فالقارئ تمت إثارة فضوله حول معرفة الأمر الذي أُنفق فيه أموال الشاعر، ولكن الشاعر قام بالتوضيح بعد ذلك، وذلك التعبير يتم تسميته أحد أوجه الإطناب .
كما أنه أحد أساليب البلاغة الراقية جدا التي لا يتمكن الجميع من استخدامها، وقد قام جلال الدين السيوطي بتوضيح الفوائد الخاصة بهذا الأسلوب التعبيري وقال انه يساعد على توصيل المضمون بأكثر من صورة وهما الإبهام والتوضيح .
كما قال الشاعر ثغور وهو يقصد بالثغر الموضع الذي يأتيك العدو منه، ويلحق بك الضرر، وحينما قال الشاعر ثغور حقوق، وأوضح أن هناك استعارة مكنية قام من خلالها بتشبيه مجموعة الحقوق بالادأماكن أو المواضع والمشبه به محذوف وتم تقديره بلوازمه وهي الثغور، وعندما قال الشاعر فإن يأكلوا لحمي وضح أنها كناية، فهو يقصد بأكل اللحم تلك الغيبة التي يغتابونه بها والحديث في عرضه .
قال الشاعر وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا ولم يقصد في هذه الحالة الحقد فقط بل أراد كل ما هو سئ من صفات وأفعال، حيث أنه يذم النميمة والحديث في العرض والغل الذي يُدفن بداخل الفرد تجاه الآخرين، بل الرئيس يجب أن يكون قدوة ويتحلى بكافة الصفات الجيدة ولا يتدنى بأخلاقه ويصفح عن ما في مقدرته أن يصفح عنه، كما أنه يجب أن يكون مسؤولا .
عقب في النهاية بأنه يفتخر بنفسه جدا ولا يكره عطائه حتى بعد أن تسبب له في الكثير من المشاكل مع أهله، وأكد على أنه سيظل معطاء، وقال إنه يكفيه فخرا بأن من يدق بابه من سائلين لا يكسر بخاطرهم، ولا يخرج ضيف من عنده إلا إذا تم إكرامه على أكمل وجه، وكل نازل يقصد ساحته لا يظمأ ابدا .
وود أن يتغير الحال السيئ ويتبدد فكر أبناء أعمامه وأخواته الذي يتسبب في تفتيت قلبه ويبث الأسى والحزن بداخله، وقال إنه سيظل ذا صدر رحب ولن يرد أي إساءة موجهة إليه بإساءة ولن يقوده كلامهم إلى الاستفزاز، وستظل أسرارهم محفوظة بداخله، أما عن محاسنهم فمن واجبه أن ينشرها بين الناس وما بداخله لهم الحب والمودة وليس غير ذلك .
أكد الشاعر من خلال قصائده أن الدهر تختلف ظروفه ففي بعض الأوقات تكون الأمور متيسرة وسهلة ومرة أخرى تكون جوانب الحياة عسرة، ولكن يجب على الفرد ألا يقنط ولا يتبطر على النعم، وعليه أيضا ألا ينظر في يد ما لا يخصه، وان حال أهله قد يتغير، أما عنه فهو يصفح عن ما يحدث به .
صفات المقنع الكندي
- الكرم والجود.
- حسن المظهر.
- حسن الأخلاف.
- أفضل شاعر في العصر الأموي.
من المعروف عن الصمة القشيري أنه قام بقول قصيدة صنفت على أنها أفضل قصائد الغزل التي قيلت على الاطلاق، حيث أنه كان يحب إبنه عمه واراد خطبتها ولكن عندما طلبها قاموا جميعا برفض طلبه، وقال له إن مهرها غالي ومن مثلك ليس بمقدرته الجواز منها.
كان هذا الموقف سبب في قوله لقصيدة يُعاتبني في الدِّينِ قَوْمِي، حيث أن كانت حجتهم أنه فقير ومعدم كيف له أن يتزوج بإبنتهم، ولكن هل تسائل أحد منهم عن سبب فقره؟ أنه لا يبخل على سائل ويتسم بالجود والكرم، وكان مشهور بين الناس بأنه الشخص المقنع .
السبب في ذلك شده جماله وحسن ملامحه، فقد كان جميل الخلق وجميل الاخلاق، وجماله الشديد كان يجعل الناس يحسدونه ويتسببون له في الكثير من المشاكل والأمراض لذلك فهو كان يضع القناع ويتلعثم دائما، وتساءل الكثير عن من هو الفرد المقنع وما نسبه؟ في الحقيقة هو محمد بن ظفر بن عمير بن أبي شمر بن فرعان بن قيس بن الأسود بن عبدالله بن الحارث .
هو أشهر شاعر في الدولة الأموية، وسيظل الشعر الخاص به يتردد على ألسنة البشر ما دام هناك أفراد يتحدثون بلغة الضاد .
أشعار المقنع الكندي
أشعار المقنع الكندي كثيرة حيث من المعروف أن المقنع الكندي له الكثير من القصائد التي كان يتم تداولها بشكل مستمر بين البشر ومنها كانت مجموعة قصائد صنفت على أنها قصائد عامة مثل[3]:
- وفي الظعائن والأحداث أحسن من .
- إن عليا ساد بالنكرم .
- أبل الرجال أردت إخاءهم .
- لا تجعل الأرض العريض محلها .
- وإذا رزقت من النوافل ثروة .
- نزل المشيب فأين تذهب بعده،ط.
- وكن معدنا للحلم واصفح عن الأذى .
- تسمي إني أحرض أهل البخل .
- لا تضجرن ولا تدخلك معجزة .
- وذادت عن هواه البيض بيض .
- ولي نثرة ما أبصرت عين ناظر .
- وإن بادهوني بالعداوة لم أكن.
- يعاتبني في الدين قومي وإنما .
- وقوريح عتد أعد لنيه .
- كالخط في كتب الغلام أجاده .