مروان الجوي – موطني نيوز
لم يمر على فاجعة الحافلة التي حصدت أكثر من 20 ضحية سوى سنة واحدة في الطريق التي أصبح يطلق عليها ” طريق الموت أو مثلث برمودا” المتواجدة على مستوى الطريق الجهوية رقم 311 التي تربط بين خريبكة و لفقيه بن صالح، حتى تكررت كارثة أخرى بوفاة 10 أشخاص في حادثة مشابهة لمأساة السنة الماضية لينضافوا لحصيلة حرب الطرقات ببلادنا، و بعدها لقي أحد حراس الشركة المكلفة بإعادة تأهيل هذه الطريق حتفه في نفس الطريق متأثرا بجروح خطيرة على مستوى الرأس إثر سقوطه في حفرة وسط الطريق على متن دراجة نارية في غياب التشوير الطرقي التي أظهرته عدسات بعض الوسائل الإعلامية في بث مباشر قبل حادثة الحارس ببضع ساعات.
و تعتبر هذه الطريق من المسالك الأساسية التي تربط مناجم الفوسفاط كسيدي شنان و مغسلة لمرح و موقع بني عمير الذي يضم أكبر مغسلة للفوسفاط في العالم بأهم المدن المجاورة كخريبكة و لفقيه بن صالح و بني ملال و منجم بني عمير و عبرها تمتد الفروع لطرق أخرى تربط الدواوير و القرى التي كانت موضوع بلاغ صادر من وزارة التجهيز تعلن فيه عن إطلاق أشغال التوسعة و التي رصد لها غلاف مالي يقدر ب 110 مليون درهم عبر صفقتين أبرمتا في شهر أبريل من العام الماضي، لكن الأشغال في هذه الطريق لازالت متعثرة و لا ترقى لتطلعات مرتادي هذه الطريق، و هنا نعود لمفهوم الجدية في مواجهة الإكراهات المستقبلية الذي جاء به خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده في عيد العرش.
بالعودة لكواليس الحادثة و من خلال تصريحات بعض الشهود فإن سائق سيارة “كونغو” -التي كان على مثنها 14 فردا من عائلة واحدة منهم 5 أطفال متجاوزا بذلك الطاقة الإستيعابية المسموح بها قانونيا – تهور كثيرا و أراد أن يتجاوز إحدى السيارات قبل أن يعجز عن التحكم في مقود السيارة لينحرف عن مساره و يصطدم بإحدى السيارات القادمة بالجهة المقابلة و يسقط في جانب الطريق مخلفا ضحايا و إصابات متفاوتة الخطورة، بعدها هرعت عناصر الوقاية المدنية و الدرك الملكي و السلطة المحلية لعين المكان لتنظيم المرور و نقل الضحايا و المصابين للمستشفى الإقليمي بخريبكة.
حادثة طريق الموت هذه كشفت من جديد عن الخصاص الذي يعاني منه قطاع الصحة في إقليم خريبكة رغم الجهود المبذولة من طرف بعض الشرفاء والنزهاء وجنود الخفاء و فعاليات المجتمع المدني بخريبكة الذين آزروا و ساندوا عائلات الضحايا، إلا أن اليد الواحدة لا تصفق، مستشفيات الإقليم تعد بمثابة مراكز صحية مهمشة تفتقر لأبسط وسائل العمل، ولا تستطيع مواجهة الحوادث التي تسجل داخل مجالها الترابي، إذ أن أي حالة حرجة و مستعصية يتم نقلها لمستشفى الدار البيضاء.
إن هذه الطريق تعرف حركية مستمرة ليلا و نهارا نظرا للنشاط المنجمي الكثيف بهذه البؤرة، ما يدعونا لمساءلة المجمع الشريف للفوسفاط التي تنقل عمالها يوميا نحو مختلف المواقع عبر هذه الطريق عن الآليات المستعلمة للحد من حدوث الحوادث و الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه المؤسسة للمساهمة و المشاركة في تسريع عملية توسيع هذه الطريق في ظل السياسة المتبعة من المجمع الشريف للفوسفاط في مجال السلامة و الأمن و البيئة. كل هذا يجعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام حول مآل هذه الطريق؟ التي أضحت تعتبر بؤرة سوداء بل أضحت تلقبها ساكنة خريبكة و الأقاليم المجاورة بمثلث بيرمودا “داخل مفقود و الخارج مولود”.
وطالبت فعاليات المجتمع المدني و مرتادوا هذه الطريق كسائقوا سيارات الأجرة الكبيرة و أصحاب حافلات النقل بتدخل عاجل و فوري لوزير الداخلية ووزير التجهيز والجهات المنتخبة، قصد إخراج حلول عملية وناجعة لهذه الطريق، داعيا جميع القوى الحية بالمدينة إلى الإلتفاف حول هذا الموضوع وتكثيف وتوحيد الجهود للترافع من أجل إيجاد حل جذري لـ”طريق الموت”.