بقلم شعيب جمال الدين – موطني نيوز
الزمان : الأحد 13 غشت 2023.
التوقيت : 19:00 مساء ( توقيت غرينتش).
المكان : مطار كينيث كاوندا الدولي لوسكا عاصمة زامبيا.
الحدث : السلطات الزامبية تعلن إحتجاز طائرة مصرية خاصة قادمة من مطار القاهرة الدولي على متنها ستة أشخاص مصريين وأربعة أجانب ظبطت بها بضائع و محجوزات تتكون من مبلغ مالي يتجاوز ثمانية ملايين دولار وكمية من الذهب تقدر ب 125k تبين أنه مزيف و خمسة مسدسات صغيرة و سبعة خزان ذخيرة و 126 رصاصة.
الطائرة المصرية الخاصة التي تأكد ملكيتها للمخابرات العامة كانت موجهة خصيصا من أجل تمويل نيلسون تشاميسا زعيم المعارضة الزامبية المرشح المنافس للرئيس الحالي هاكندي هيشيليما المنتهية ولايته وذالك على هامش حدث الإنتخابات
الرئاسية المزمع تنظيمها غذا الأربعاء 23 غشت 2023 .
كانت هذه العملية عبارة عن مخطط مشترك بين المخابرات الإسرائيلية والأمريكية تم خلالها إستخدام المخابرات الأردنية والمصرية بحيث تقرر تقاسم الأدوار فيما بينهم.
الموساد والسي آي إيه إنحصرت مهمتهم في طرح الفكرة فقط والهدف الرئيسي هو إقصاء الرئيس الحالي على طريقة القوة الناعمة دون اللجوء إلى خيار تنفيد إنقلاب عسكري في أفق تعيين زعيم المعارضة رئيسا شرعيا للبلاد.
نجح الموساد في إقناع المخابرات الأردنية بتوفير الدعم اللوجستي في حين فشل في إجبارها على المشاركة في عملية التنفيذ، الذي تكلفت به المخابرات المصرية العامة هذه الأخيرة في الحقيقة، لم تحسن بشكل جيد وشامل قراءة أبعاد العملية الإستخباراتية، فكانت في الواقع مثل ذاك الرجل الساذج الذي ساهم رفقة عدة أشخاص في حفرة عميقة من أجل إسقاط شخص آخر فكان أن سقط لوحده وتحمل بالتالي تباعات و تداعيات ذالك لوحده.
في هذا التقرير الحصري سنرصد لكم ثلاثة أخطاء قاتلة إرتكبتها أجهزة المخابرات المصرية العامة :
1) حرصت المخابرات المصرية على القيام بمجموعة من الإحتياطات الأمنية بخصوص طائرتها الخاصة المسجلة تحت رقم T7-WSS بهدف إبعاد أي مسؤولية عنها في حالة تورطها في أي واقعة إقليمية أو دولية، وذالك بتعمد تسجيلها بشكل قانوني في شركة أجنبية تحمل إسم “flying Groop Middle East”وهي من تتحمل مسؤولية إدارة رحلاتها الجوية و مقرها في أبوظبي بالإمارات العربية.
لكن المخابرات المصرية العامة لم تضع في الحسبان أن جميع الشركات التي تشتغل في ميدان إستئجار أو تأمين رحلات الطائرات الخاصة بدولة الإمارات مرتبطة بشكل غير معلن بالمخابرات الإماراتية، أي بمعنى أدق فالتحركات الجوية لتلك الطائرات على المستوى الإقليمي والدولي يكون بعلم و تحت مراقبة أجهزة المخابرات الإماراتية، وهذا معناه أن المعلومة الإستخباراتية لدى المخابرات المصرية مكشوفة و محروقة من الأساس بدون أن تدري.
2) كانت المخابرات الأردنية ذكية إلى حد كبير جدا في تفادي التورط بشكل كامل في العملية وذالك بإكتفاءها بالدور اللوجستي ورفضها القاطع المشاركة في التنفيذ التي تقتضي أن تكون إنطلاقة الطائرة الخاصة وما تحمله من محجوزات خطيرة من التراب الأردني رغم مكوث إحدى طائراتها مدة ثلاثة أيام في مطار الملكة علياء الدولي بالعاصمة عمان، قبل أن تفشل مفاوضات إقناعها بالإقلاع .
ليتم بعد ذالك اللجوء إلى المخابرات المصرية العامة التي وافقت على التكلف بهذه المهمة الخاصة ، بعدما على ما يبدو تلقت ضمانات من الموساد و سي آي إيه بأن الأمر سيظل طي السرية ولن تشكل أي مشاكل للدولة المصرية مع إحتمال كبير بوجود إغراءات ووعود بإمتيازات وتسهيل مصالح شرق أوسطية ، وهو ما دفعها للموافقة دون أن يدرك ضباطها وكبار مسؤوليها ، بأن تفاصيل الخطأ الثالت سيكون سببا قاتل في كشف ملابسات العملية و البصم بالعشرة على فضيحة دولية للمخابرات المصرية فوق الأراضي الزامبية.
3) تبادل المعلومات بين الأجهزة الدولية، مسألة عادية جذا و جاري به العمل، في إطار التنسيق الذي يعززه الإتفاقيات الثنائية الموقعة بين المصالح الأمنية الإقليمية والعالمية ، لكن عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مخطط إستخبارتي دولي مشترك بين عدة أجهزة يستهدف جهة أو بلد ما فإنه بصراحة من الغباء الإستخباراتي الإنخراط في مثل هذه العمليات، للأنه أي عملية إستخباراتية موحدة تتجاوز ثلاث أجهزة محكوم عليها بالفشل في حينه أو كشف ملابساتها بعد فترة قصيرة.
فلا يمكن بتاتاً للأي جهاز إستخبارتي عال المستوى ويتميز بالإحترافية و المهنية أن يضمن لدى الأطراف الأخرى التحكم في سرية المعلومة في ظل مشاركته مع مجموعة من الأجهزة الإستخباراتية، وهذا في حقيقة الأمر هو الفخ الذي سقطت فيه المخابرات المصرية حيث نجحت المخابرات الزامبية في التوصل من مصدر إستخباراتي مجهول بجميع تفاصيل رحلة الطائرة المصرية ومعرفة ما تحمله من مواد وبالتالي كانت سلطات الجمارك في مطار كينيث كاوندا الدولي تنتظر بهدوء شديد قدوم الطائرة المصرية الخاصة من أجل تفتيشها و إعتقال الضباط المصريين الستة وأربعة أجانب يحملون جوازات سفر أوروبية أجزم انها مزيفة يبدو أنهم مجرد عملاء تابعين للأجهزة الإستخباراتية المشاركة في العملية، واضح أن دورهم مراقبة و تأمين وصول المحجوزات و الأموال إلى نيلسون تشاميسا زعيم المعارضة الزامبية ،وهذا في حد ذاته إشارة واضحة على على عدم وجود الثقة نهائيا في الجانب المصري من طرف الموساد و السي آي إيه.