الطائرة الشبحية F-35 الصفقة المغربية الكبرى التي ستعيد رسم ملامح المنطقة

الطائرة الشبحية F-35

الحسين بنلعايل – موطني نيوز 

في خطوة تعكس طموحات عسكرية كبيرة، تسعى المملكة المغربية لإبرام صفقة ضخمة بقيمة 17 مليار دولار لشراء طائرات F-35  الشبحية الأمريكية، وذلك في ظل التوترات المستمرة في الصحراء المغربية. اللافت في الأمر هو الدور الإسرائيلي؛ فوفقاً للتقارير، لا تُبدي إسرائيل أي معارضة لهذه الصفقة، بل قد تذهب إلى حد التعاون في إجراءاتها. هذه الرغبة المغربية الملحة في التسلح قد تفسر “الصمت” الذي التزمت به الرباط خلال الحرب الأخيرة، رغم الاحتجاجات الداخلية. وبينما يتجه فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحل النزاع الجذري بين المغرب والجزائر حول الصحراء، تبرز إسرائيل بشكل مفاجئ كلاعب مؤثر، وهو ما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسعي الرباط لتكون أول دولة مسلمة تشغل هذه المقاتلة المتطورة.

فالصفقة التي يحلم بها المغرب تشمل 32 طائرة F-35، بالإضافة إلى منظومة تدريب وصيانة تمتد لـ 45 عاماً. ويشير تقرير لموقع TWZ إلى أن الموافقة الإسرائيلية، التي قد تتضمن تعاوناً تقنياً، هي مفتاح لتسهيل المصادقة على الصفقة في الكونغرس الأمريكي. بحيث بدأت هذه الاتصالات بالتزامن مع “اتفاقيات أبراهام” عام 2020، وتسارعت وتيرتها بعد زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك بيني غانتس إلى المغرب في نوفمبر 2021 وتوقيع اتفاقية للتعاون الدفاعي. هذه الخطوات جعلت صفقة الـ F-35 إحدى ركائز التعاون البارزة بين إسرائيل والرباط.

ويذكّر الخبراء، مثل الدكتور كوبي باردا، بأن كل عملية بيع لطائرات F-35 تتطلب مصادقة الكونغرس، وأن هذا يخضع لمبدأ “التفوق العسكري النوعي لإسرائيل” (QME) الراسخ منذ نهاية الستينيات. ويشير كمثال إلى تركيا، التي خسرت موافقتها لشراء هذه الطائرات بعد شرائها منظومات S-400 الروسية. لذلك، فإن عدم ممانعة إسرائيل على الصفقة المغربية يذلل العقبة الأهم أمام إتمامها.

بالطبع، هذا الطموح المغربي يتغذى أيضاً على سياسة التسلح الجزائرية، حيث تشير التقارير إلى توقيع الجزائر على صفقات كبيرة لشراء طائرات سوخوي-57 وسوخوي-35 الروسية. ورغم أن السوخوي-57 قد تتفوق في حمولة التسليح، إلا أن الـ F-35 تمنح تفوقاً حاسماً في المستشعرات والقدرة على الهجوم خارج مدى الرؤية والربط الشبكي، وهي معطيات تعد عصب الحرب الحديثة.

العلاقة العسكرية بين إسرائيل والمغرب ليست وليدة هذه الصفقة؛ فسلاح الجو المغربي يمتلك بالفعل 47 طائرة F-16، منها 24 مطورة. كما تشير التقارير إلى أن شركات أمريكية تستخدم تقنيات من شركة “إلتا” الإسرائيلية لتحويل طائرات مغربية إلى طائرات استخبارات متطورة. ولعل الدليل الأبرز هو شراء المغرب لأقمار الرصد الإسرائيلية “أوفيك 13” في يوليو الماضي، مفضلاً إياها على عروض الشركات الفرنسية العملاقة.

كل هذا يحدث على خلفية قضية الصحراء المغربية، منذ 1975. “اتفاقيات أبراهام” أحدثت تغييراً جوهرياً حين اعترف الرئيس ترامب بسيادة المغرب على المنطقة، وهي خطوة أدت مؤخراً إلى تبني مجلس الأمن للاقتراح المغربي بمنح حكم ذاتي للإقليم ضمن السيادة المغربية. هذا التحول الأمريكي لا يخلو من مصالح اقتصادية، فالمنطقة غنية بالمعادن، والإدارة الأمريكية أبدت استعدادها لدعم الشركات الأمريكية هناك، وهو ما يصفه الدكتور باردا بنهج “الدولار أولاً”.

ورغم دعوات العاهل المغربي للحوار، يبقى الموقف مع الجزائر مجمداً، خاصة بعد تجاهل مجلس الأمن لطلبها بإجراء استفتاء. ويختتم الدكتور باردا تحليله بأن الـ F-35 هي “مقاتلة من طراز مختلف”، وأن المغرب يُعد “عضواً فخرياً” في محور اتفاقيات أبراهام. لكنه يحذر من أن ترامب، بعقليته الأمنية المبنية على “الدولار أولاً”، قد يستخدم صفقة المغرب كذريعة لتشجيع الكونغرس على الموافقة على بيع F-35 لتركيا مجدداً. ويشير إلى أن إسرائيل تمتلك أوراقاً، بما في ذلك اللوبي اليوناني القوي، لكبح مثل هذه الخطوة في الكونغرس الأمريكي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!