
حسن سمومي – موطني نيوز
“ظَهَرَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا”.
بعد عقودٍ من الصبر والمواجهة، ورغم الانتصار الساحق الذي أكّد حقنا المشروع، لا تزال تداعيات هذا الصراع الطويل تلقي بظلالها. إن شبح أولئك الذين يكنّون لوطننا الحقد الدفين لم يختفِ تماماً، ولا زالت مرارة الخسائر التي تكبدناها حاضرة في وجداننا.
إن خمسين عاماً من المواجهة ليست مجرد رقم في سجل الزمن، بل هي قصة تضحيات جسام. لقد دفعنا ثمناً باهظاً دفاعاً عن حقيقة لم تكن يوماً محل شك بالنسبة لنا؛ “فالصحراء لنا” دون منازع. قدم الوطن في سبيل ذلك خيرة أبنائه شهداء، وسخّر موارد بشرية ولوجستية هائلة كان الأجدر بها أن تُستثمر في تسريع عجلة التنمية الاقتصادية والصحية والتربوية. ولكن، تبيّن أن كلفة الدفاع عن حمى الوطن وصون استقراره تأخذ مساراً لا بد منه لضمان سيادة السلم.
لقد علمتنا هذه التجربة المريرة مع “جوار” لم نختره، أن الحذر واجب، وأن “المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين”. فالتاريخ يثبت أنه “وإن لانت ملامسها… فعند التقلب في أنيابها العطب”، وهو درس دفعنا ثمنه غالياً.
واليوم، هذا الانتصار التاريخي يحتم علينا، بكل عقلانية وعزيمة، أن نستمر في المطالبة بالتعويض العادل عما خسره وطننا طيلة نصف قرن. هذا ليس مطلباً انتقامياً، بل هو حق مشروع لإعادة توجيه المسار نحو البناء الذي تعطّل، ولجبر الضرر الذي لحق بأجيال كاملة.
لقد أثبتت قيادتنا، “أصحاب القرار وأبناء الملوك”، حكمة تاريخية تجلت في “الحلم عند الغضب”. هذا النهج، الموروث عن الآباء والأجداد، هو ما منح المغاربة سمعتهم الدولية الراسخة في تحقيق الانتصارات، وفي الوقت ذاته، السعي لتفادي الحروب حفاظاً على روابط شعوب لها تاريخها الذي يتحدث عنها.
لكن رسالتنا للجميع تظل واضحة وقاطعة: “وإن عدتم عُدنا”.
وصدق الشاعر حين قال:
إِن أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ
وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا