
الحسين بنلعايل – موطني نيوز
في فضيحة مدوية تتجاوز كل حدود اللياقة واحترام بيوت الله، تُداس اليوم كرامة الأئمة في عقر دارهم الأوروبي، ليس على أيدي أعداء الإسلام، بل على أيدي من يدّعون “المسؤولية عن المساجد”. لم يعد الأمر مجرد خلاف إداري، بل وصل إلى حد “البلطجة” الصريحة وانتهاك الحرمات.

ما جرى مؤخراً في هولندا بحق أحد الأئمة ليس إلا غيضاً من فيض كارثي؛ حيث تجرأت مجموعة من الأفراد على اقتحام بيته داخل المسجد، وتفتيش حقيبته الشخصية، في غياب تام لأي غطاء قانوني أو حضور للشرطة، وكأنهم سلطة فوق القانون. لم يكتفوا بهذا السلوك الميليشياوي، بل كالوا له أبشع العبارات، واتهموه بالسرقة، في حملة تشهير منظمة وممنهجة تهدف إلى تحطيم سمعته أمام الجالية المسلمة.

هذا السلوك الهمجي يفضح واقعاً مريراً تتحول فيه بعض بيوت الله إلى فضاءات للابتزاز والتشهير وتصفية الحسابات، ويبدو أن الثمن يدفعه كل إمام شريف يرفض الانصياع لمنطق الزبونية، أو يرفض التحول إلى أداة لجمع التبرعات أو التبعية العمياء. إنها ليست حادثة معزولة، فما زالت ذاكرتنا تحمل مشهد ضرب مصلي عراقي في مسجد “بيرسو – لياج” ببلجيكا أمام طفله. هل أصبحت مساجدنا حلبات ملاكمة؟ وأمام هذا الإذلال المتعمد، يبرز السؤال الأكبر: أين القانون؟ أين هي مسؤولية السلطات المحلية التي تغض الطرف عن هذا العبث؟ وأين المؤسسات الإسلامية الرسمية التي تلتزم صمتاً مريباً وكأن الأمر لا يعنيها؟

إن منظمة “لا للظلم” ببلجيكا، إذ ترفع الصوت عالياً، لا تكتفي بالشجب، بل تطالب بتحرك فوري، وعلى رأسه: فتح تحقيق رسمي من الشرطة الهولندية لمحاسبة من تجاوزوا القانون، وفرض إشراف صارم من السلطات على تسيير هذه المساجد لحماية الأئمة من التهديد والابتزاز، ومراجعة هياكل التسيير لفرض الشفافية الكاملة، ووقف هذا النزيف الذي يسيء لسمعة الإسلام في الغرب.

من العار أن يتم التعدي على إمام بلا دليل، والتشهير به في مواقع التواصل، وكأننا في زمن الجاهلية. إننا نُحمّل المسؤولية لكل من يصمت أو يتواطأ، فالمساجد بيوت لله، وحرمة الإمام والمصلين من حرمتها. “ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون”.
