المصطفى الجوي – موطني نيوز
ما يحدث في دوار أولاد عزوز بجماعة الزيايدة في إقليم بنسليمان ليس مجرد إهمال عابر أو أزمة مؤقتة، بل هو جريمة بيئية بشعة ترقى إلى مستوى الجريمة في حق الإنسان والحيوان والأرض. منذ أن وطأت أقدام هذه المنشآت – السجن المحلي وسجن الأحداث – المنطقة، تحولت حياة السكان إلى جحيم لا يُطاق. لقد أعلنت هذه المنشآت حرباً على البيئة وعلى صحة الناس، وهي حرب لا هوادة فيها، والأكثر إثارة للغضب هو الصمت المطبق واللامبالاة السافرة من كل الجهات التي من واجبها أن تحمي المواطن وتصون بيئته.
هذه ليست مجرد شكاوى عابرة، بل هي ويلات حقيقية. فرشة مائية تسممت، قطعان المواشي تنفق بشكل جماعي ومريع، وأراضي الرعي التي كانت مصدر رزق للأهالي أصبحت أرضاً مسمومة ومحرمة. كل هذا بسبب المياه العادمة الآسنة التي تتدفق كالسم دون رادع من مجاري السجن المحلي يوميا وعلى امتداد سنين. المشهد لا يحتمل، روائح كريهة تخنق الأنفاس، وحشرات ضارة تنتشر كالطاعون، وصحة الناس تتدهور يومياً بعد أن أصبحوا سجناء في هواء ملوث وأرض ملوثة وماء ملوث.
ولكن الجريمة لا تتوقف عند هذا الحد! فبينما يعاني السكان، تمنح جماعة الزيايدة تراخيص لتجزئات سكنية جديدة، وكأنها تريد أن تزيد من عدد الضحايا وتوسع دائرة الكارثة. كيف تُمنح تراخيص لمشاريع سكنية بدون توفير أبسط شروط الصرف الصحي، خاصة في منطقة تعاني أصلاً من طوفان المياه العادمة؟ أليست هذه إضافة إهانة للإصابة؟ أليس هذا دليلاً قاطعاً على أن الربح المادي لأصحاب النفوذ أهم من صحة وسلامة المواطنين البسطاء؟
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، من يتحمل مسؤولية هذه الكارثة البيئية المتعمدة؟ هل هي المصالح الإدارية للسجن المحلي التي تتهرب من تكاليف معالجة المياه؟ أم هي جماعة الزيايدة التي تمنح التراخيص بعشوائية وتتغاضى عن توفير البنية التحتية الأساسية؟ أم هي الجهات الرقابية والبيئية التي تختفي عندما يكون المواطن في أمس الحاجة إليها؟ الجميع متورط في هذه الجريمة الصامتة! الجميع يغض الطرف! والمواطن يدفع الثمن غاليا من صحته.
الفيديو المرفق ليس مجرد لقطات، بل هو وثيقة اتهام ضد كل من تسبب في هذه المأساة. إنه يفضح اللامبالاة ويظهر حجم المعاناة التي يعيشها السكان يومياً. إنه يصرخ بالسؤال، إلى متى سيستمر هذا الصمت؟ إلى متى ستظل هذه الجهات تتوارى خلف المكاتب والمبررات الواهية بينما البشر والحيوانات يدفنون أحياء تحت وطأة التلوث البيئي؟
نحن لا نطلب معجزة، بل نطالب بحق أساسي من حقوق العيش بكرامة في بيئة سليمة. نطالب بتحرك عاجل وجذري قبل أن تتحول المنطقة إلى مقبرة جماعية. نطالب بمحاسبة كل من تسبب في هذه الكارثة وتجاهلها. يجب أن تتحرك الضمائر، يجب أن تتحرك المسؤوليات، ويجب أن تتحرك الآليات القانونية لوقف هذه الجريمة البيئية ورفع الظلم عن ساكنة دوار أولاد عزوز. فهل من مستجيب؟