بليونش : شباب محاصر بين شطط القرارات التعسفية وغياب التنمية المجالية

وقفة احتجاجية سليمة للصيادين بالقصبة في قرية بليونش

المصطفى الجوي – موطني نيوز 

أثار قرار سلطوي مفاجئ بمنع الصيد بالقصبة على شاطئ قرية بليونش، موجة غضب عارمة بين صيادي المنطقة، كاشفاً مرة أخرى عن فجوة خطيرة في التعامل مع مطالب وحقوق فئة شبابية وجدت في البحر متنفسها الوحيد ومصدر رزقها الأخير. فبدلاً من حوار يتسم بالمسؤولية أو حتى تفسير مقنع، كان رد السلطات هو المنع والقمع وكأنهم يدفعونهم نحو الهجرة السرية قسرا، في مشهد يتكرر بحذافيره كلما تعلق الأمر بفئات هشة تبحث عن بقعة ضوء في واقع معتم.

ففي بحر هذا الأسبوع، تحول شاطئ بليونش المحاذي لسبتة المحتلة إلى مسرح لمواجهة صامتة. عناصر القوات المساعدة تمنع الصيادين من ممارسة هوايتهم ومصدر عيشهم، دون أدنى تقديم لتبرير قانوني أو شرح للأسباب الكامنة وراء هذا القرار التعسفي أوحتى الجهة التي تقف وراءه. هذا الصمت الرسمي ليس سوى لغة قائمة على اللامبالاة وبسط السيطرة والقوة، وإمعان في تهميش فئة تعاني أصلاً من وطأة البطالة والإقصاء في هذه القرية المنسية من كل ملامح التنمية المجالية.

اللافت في الأمر أن الصيادين لم يختاروا العنف كعادة اهل هذه القرية المحافظة، بل نظموا وقفة احتجاجية سلمية أمام مقصف القوات المساعدة، رافعين شعارات تنادي بوقف “الشطط في استعمال السلطة”. إنها صورة مفارقة، شباب يلتزمون بالسلمية في مطالبهم، بينما تواجههم سلطة بقبضة حديدية دون حوار. فهل يعقل أن يكون رد الجهات المعنية على مطالب مشروعة هو التجاهل والمنع كما وقع في حراك الريف؟

الأكثر إيلاماً أن هذا القرار لا يمس مجرد هواية، بل يطعن مباشرة في شريان حياة الكثيرين. فالصيد بالقصبة ليس ترفيهاً، بل هو مصدر رزق لفئة عاطلة عن العمل، ومتنفس اجتماعي ونفسي لفئة شبابية محاصرة ببطالة خانقة وغياب للبدائل من طرف الدولة. إن سلطة تمنع هذا المتنفس دون تقديم حلول بديلة هي سلطة تدفع بشبابها إلى حافة اليأس، وتغذي مشاعر الإقصاء والتهميش.

المطلوب ليس تراجعاً عن القرار فحسب، بل اعترافاً بحق هذه الفئة في العيش والعمل، وفتح حوار جاد يضع الإنسان في قلب الأولويات. فالحفاظ على الثروة السمكية يجب أن لا يكون ذريعة لإلغاء حقوق الناس، بل يجب أن يكون ضمن سياسة متوازنة تسمح بالاستغلال المستمع مع ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصيادين.

قضية بليونش ليست سوى حلقة في سلسلة طويلة من القرارات التعسفية التي تفتقر إلى الرؤية الاستشرافية وإلى الإحساس بمعاناة المواطن. فالشطط في استعمال السلطة ليس مجرد شعار يرفعه المحتجون، بل هو واقع مرير يعيشه شباب المنطقة يومياً. شباب محاصر بين البحر و الجبل و الأسلاك الشائكة للمستعمر وشطط السلطة المحلية و المخزن، وإلى متى تبقى هذه الفئة ضحية لسياسات لا ترى فيها سوى رقم عابر في سجل البطالة والإهمال؟ السؤال ينتظر إجابة.

ولنا عودة للموضوع لهذه القرية المنسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!