
حسن سمومي – موطني نيوز
في زمن العولمة والانفتاح الإعلامي غير المسبوق، أصبح من العسير الحفاظ على استقرار الأسرة العربية، خصوصًا في المجتمعات المحافظة. فقد تسللت بعض المضامين الإعلامية الهدامة إلى بيوتنا تحت ستار الحداثة والتطور، وأصبح التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي أدوات فاعلة في تفكيك الروابط الأسرية، دون وعي حقيقي بعواقب هذا الاختراق.
من المؤسف أن محتوى كثير من البرامج والمسلسلات الغربية والعربية المقلّدة، يحمل رسائل تُروّج لانحرافات سلوكية وقيم دخيلة، تُسهم في تهشيم ثوابت الأسرة. هذه الموجة الإعلامية لا تستهدف عقول الشباب فقط، بل تمتد لتطال النساء المتزوجات، اللواتي يجدن أنفسهن منجذبات إلى شعارات فارغة، وأوهام مستوردة من أفلام غرامية نتنة، تجعل بعضهن يعشن حالة من الانفصال النفسي عن أزواجهن.
فكثير منهن، وبفعل المقارنات غير الواقعية التي ترسّخها تلك الأعمال، يبدأن في النظر إلى أزواجهن نظرة دونية، باعتبارهم أقل جاذبية أو رومانسية من أولئك “الممثلين المحترفين”، الذين لا يعكسون في الحقيقة إلا أداءً تمثيليًا بعيدًا عن الواقع. بل إن شبح هؤلاء الممثلين قد يطغى حتى على العلاقة الحميمية، فيغدو الزوج غريبًا في بيته، وجسده مسكونًا بروح رجل لا يعرفه.
ولا يقتصر الأمر على النساء، بل إن بعض الأزواج يقعون في فخ المقارنة والانبهار، ويصبحون بدورهم أسرى لصورة المرأة “المثالية” التي يرسمها الإعلام، مما يؤدي إلى مزيد من التفكك والتوتر.
في مثل هذا المناخ، تتحول العلاقة الزوجية من شراكة قائمة على المودة والرحمة إلى ساحة صراع، يتدخل فيها القريب والبعيد، وينتهي كثير منها بتفكك الأسرة، واندلاع أزمات لا تُحمد عقباها.
إن التجرد من القيم الإسلامية والأخلاقية الأصيلة هو بداية الانهيار. وقد نبّه الرسول ﷺ حين قال: “تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”، كما قال أيضًا: “إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض”.
إنها قواعد ثابتة نابعة من فطرة الإنسان ودينه، والتمسك بها هو السبيل الوحيد لتفادي الانزلاق نحو مزيد من التشتت. فالدين ليس فقط شعائر، بل هو المعاملة، وهو الحصن المنيع في وجه كل هذا الطوفان القيمي والإعلامي.