بنسليمان : أين وصل ملف تفويت 180 هكتار لجهة واحدة بجماعة الزيايدة؟

السيد حسن بوكوتة عامل إقليم بنسليمان


المصطفى الجوي – موطني نيوز 

في خضم صمت مطبق وتكتم يثير الريبة، يتوارى ملف تفويت 180 هكتار من الأراضي في جماعة الزيايدة بإقليم بنسليمان، وكأنه وصمة عار لا يراد لها أن ترى النور. هذا الملف، الذي يفتقر لأي سند قانوني واضح، يطرح تساؤلات جوهرية حول الشفافية والعدالة في تدبير الشأن العام، ويزكي الشكوك حول وجود أياد خفية تعبث بمقدرات الإقليم ومستقبله. فكيف يعقل أن يتم التستر على قضية بهذا الحجم، قضية تمس الصميم الاقتصادي والاجتماعي لمنطقة بأكملها، دون أن تخرج للعلن ويتم مساءلة المتورطين فيها؟ إن هذا التكتم المريب لا يزيد الوضع إلا تعقيدًا، ويدفعنا إلى التساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الصمت المطبق، وعن الجهات التي تستفيد من إبقاء هذا الملف طي الكتمان.
إن الدور الذي لعبه المركز الجهوي للاستثمار في هذه القضية يثير علامات استفهام كبرى حول مدى التزامه بمبادئ المنافسة الشريفة وتكافؤ الفرص. فمن جهة، نجد هذا المركز يرفض عشرات الطلبات لمستثمرين يرغبون في استغلال مساحات صغيرة لا تتعدى 30 هكتارًا في إقليم بنسليمان، بحجج قد تبدو واهية في بعض الأحيان. ومن جهة أخرى، يقبل ملف استغلال 180 هكتارًا لجهة واحدة، في تناقض صارخ مع مبادئ العدالة الاقتصادية. هذا السلوك المزدوج لا يمكن تفسيره إلا بوجود نفوذ قوي يوجه قرارات هذا المركز، ويجعله أداة لتكريس الاحتكار وتقويض أي محاولة لخلق بيئة استثمارية عادلة ومنصفة. إن إقليم بنسليمان، الذي كان يوما ما رمزًا للاستقلال والتحرر، يبدو اليوم وكأنه لم يستقل بعد، ولا يزال تحت وطأة استعمار جديد، ليس استعمارًا فرنسيًا هذه المرة، بل استعمارًا ماديًا ونفوذًا يضرب عرض الحائط كل مبادئ تكافؤ الفرص ويكرس الاحتكار البغيض.
إن الاحتكار، في القانون المغربي كما في معظم التشريعات الحديثة، يُعرّف بأنه سيطرة منشأة واحدة أو مجموعة من المنشآت على سوق معين، مما يمنحها القدرة على التأثير على الأسعار أو الإنتاج أو التوزيع بشكل يؤثر سلبًا على المنافسة وحرية السوق. ويهدف القانون المغربي، من خلال مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية، إلى مكافحة الاحتكار وحماية المنافسة. ولكن، أين المركز الجهوي للاستثمار من كل هذا؟ وأين مجلس المنافسة الذي يفترض فيه أن يكون حاميًا للمنافسة الحرة والعادلة؟ إن ما حدث في ملف تفويت 180 هكتارًا في إقليم بنسليمان هو ضرب صارخ لكل هذه المبادئ، وتجاوز واضح للقوانين المنظمة للاستثمار والمنافسة. فكيف يمكن تفسير هذا الصمت المريب من قبل المؤسسات التي يفترض فيها أن تكون حامية للمصلحة العامة؟
إن ما يزيد الطين بلة هو عدم سلوك لا مصالح المياه والغابات ولا الجماعة لمسطرة التفويت والاستغلال عبر وضع نقطة في جدول أعمال دورة استثنائية أو عادية لعرضها على المستشارين الجماعيين. هذا التجاوز الصارخ للإجراءات القانونية يضع مسؤولية كبيرة على عاتق جميع الأطراف المعنية، ويؤكد أن هناك تواطؤًا واضحًا للتستر على هذا الملف. إننا نحمل كامل المسؤولية لممثل الحكومة، عامل إقليم بنسليمان الجديد، وإلى رئيس مجلس المنافسة، وكل من وافق على استغلال 180 هكتارًا لجهة واحدة. إننا نسألهم: أين هي المنافسة الحرة والعادلة التي تضمن الشفافية والعدالة في العلاقات الاقتصادية؟ أين هي مراقبة الممارسات المنافية للمنافسة والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار؟
نحن نؤكدها بصوت عالٍ وواضح: نحن لسنا ضد الاستثمار، بل على العكس تمامًا، نؤمن بأن الاستثمار هو قاطرة التنمية والازدهار، خاصة وأن بلادنا مقبلة على مشاريع ضخمة لها ارتباط بالبنية التحتية. لكننا ضد الاحتكار، وضد ثقافة “باك صاحبي” التي تقتل روح المبادرة وتكافئ المحسوبية. نحن ضد تفويت 180 هكتارًا في يد شركة واحدة، والتي ستشغل لنا 200 عامل كحد أقصى. في حين لو قسمت هذه المساحة على 6 مستثمرين، بمعدل 30 هكتارًا لكل واحد، فإن كل واحد منهم سيشغل لنا 200 عامل، وبالتالي ستجد المنطقة نفسها أمام سوق للشغل سيستوعب 1200 عامل. هذا هو الاستثمار الذي نريده، استثمار يخدم الصالح العام ويخلق فرص الشغل، لا استثمار يكرس الاحتكار ويخدم مصالح فئة قليلة على حساب مستقبل الإقليم. وللموضوع بقية، وسنمارس حقنا في فضح هذا الملف وفضح كل من يقتات منه على حساب مستقبل الإقليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!