
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في خطوة احتجاجية على ما وصفوه بـ”التهميش المتواصل” و”إقصاء الكفاءات العليا”، أعلن المكتب التنفيذي للجنة الوطنية لدكاترة وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية عن خوض إضراب وطني يوم الأربعاء 28 ماي 2025، شمل جميع المؤسسات التابعة للوزارة.
جاء هذا القرار خلال اجتماع طارئ عُقد يوم الخميس 15 ماي 2025، خُصص لتدارس مستجدات الملف المطلبي للدكاترة، الذين يشكون من عدم تمكينهم من أدوارهم الكاملة في التخطيط والإدارة، رغم مؤهلاتهم الأكاديمية والعلمية.
في بيانها، أشارت اللجنة إلى أن “السياسات العمومية والبرامج القطاعية تعاني تعثرات واختلالات بسبب اعتماد مقاربات غير علمية وتغييب الكفاءات المؤهلة”، مؤكدة أن الدكاترة يشكلون “ركيزة أي إصلاح حقيقي”.
ومن أبرز مطالب اللجنة:
1. تحويل إطار الدكاترة إلى “أساتذة باحثين” لتحقيق العدالة المهنية.
2. تحديث النظام الأساسي للوظيفة العمومية ليتلاءم مع مكانة حاملي الدكتوراه.
3. إشراك الدكاترة في مواقع المسؤولية لتعزيز الرؤية العلمية في التخطيط.
كما حذر البيان من أن “إقصاء الدكاترة يخلق فراغًا معرفيًا وهيكليًا”، داعيًا إلى “إصلاح عاجل للمنظومة القانونية بما يواكب التطورات الأكاديمية”. كما شدد على أن “الدكاترة ليسوا مجرد باحثين نظريين، بل يمتلكون كفاءات تدبيرية وعلمية قادرة على تجويد الأداء المؤسساتي”.
اختتمت اللجنة بيانها بدعوة جميع الدكاترة إلى التعبئة الشاملة للإضراب، مؤكدة استعدادها لـ”خوض كل الأشكال النضالية المشروعة” حتى تحقيق المطالب.
يأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد الاحتجاجات المهنية ضمن القطاعات الحكومية، مما يضع الحكومة أمام اختبار جديد في إدارة الحوار الاجتماعي وإصلاح الإدارة العمومية.
النص الكامل للبيان:
(إيمانًا بالدور الحيوي للكفاءات العليا في الارتقاء بالإدارة العمومية وتجويد الأداء المؤسساتي، وفي ظل استمرار تهميش دكاترة وزارة الفلاحة و الصيد البحري و المياه و الغابات و التنمية القروية، وعدم تمكينهم من أداء مهامهم بما يليق بمؤهلاتهم العلمية والمهنية، عقد المكتب التنفيذي للجنة الوطنية لدكاترة وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، اجتماعًا طارئًا يوم الخميس 15 ماي 2025، خُصّص لتدارس مستجدات الملف المطلبي، وقد تقرر خوض اضربا وطنيا يوم الأربعاء 28 ماي 2025 بجميع المؤسسات التابعة للوزارة.
ودلك لما تعرفه السياسات العمومية والبرامج القطاعية من تعثرات واختلالات يُعزى بالأساس إلى اعتماد مقاربات محدودة تفتقر إلى الرؤية العلمية الشمولية، نتيجة تغييب الكفاءات الأكاديمية المؤهلة، وفي مقدمتها الدكاترة الذين يشكلون ركيزة أساسية لأي مشروع إصلاحي جاد.
لقد أثبتت السنوات الأخيرة أن إقصاء الدكاترة من مواقع المسؤولية والتخطيط أفرز فراغًا معرفيًا وهيكليًا خطيرًا، وأسهم في تكريس اختلالات بنيوية على مستوى تدبير المشاريع والبرامج، وهي اختلالات كان بالإمكان تجاوزها لو أُتيح لهذه النخبة المتمرسة في الفكر العلمي والمنهجي القيام بأدوارها الطبيعية. فالدكاترة لا تقتصر كفاءاتهم على البحث العلمي النظري، بل يمتلكون أيضًا قدرة متميزة على إرساء أسس إدارة حديثة ترتكز على المبادئ العلمية والنظريات التطبيقية الرصينة، بما يضمن تخطيطًا محكمًا، وتدبيرًا ناجعًا، ومواكبة دقيقة لمتطلبات التنمية المستدامة وفق معايير علمية متقدمة.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن النظام الأساسي للوظيفة العمومية، الذي تم وضعه سنة 1958، لم يُواكب التحولات العميقة التي عرفها التعليم العالي، وعلى رأسها اعتماد نظام الدكتوراه في المغرب بتاريخ 19 فبراير 1997، مما أدى إلى بروز خلل بنيوي يتجلى في غياب إطار ملائم يستوعب الكفاءات العليا. وإن استمرار تجاهل هذا الخلل يساهم في تهميش هذه الطاقات ويُعيق الاستفادة من خبراتها في تجويد الأداء العمومي، الأمر الذي يحتم ضرورة إصلاح المنظومة القانونية بما ينسجم مع التطورات الأكاديمية والعلمية الحديثة.
وإذ تؤكد اللجنة الوطنية أن تفعيل الأدوار الكاملة للدكاترة داخل النسيج الإداري لم يعد خيارًا بل أضحى ضرورة موضوعية لرفع مردودية المؤسسات وتجويد أدائها، فإنها تجدّد مطالبتها بضرورة تغيير إطار الدكاترة إلى أساتذة باحثين، بما يحقق العدالة والإنصاف، ويتماشى مع توجهات الدولة نحو عقلنة التدبير العمومي وتثمين الرأسمال البشري عالي التكوين.
وأمام هذا الوضع الشاذ وغير المفهوم، فإن اللجنة الوطنية تدعو جميع الدكاترة إلى خوض إضراب وطني الأربعاء 28ماي 2025، وتؤكد جاهزيتها للدفاع عن حقوق الدكاترة الموظفين بشتى الوسائل الممكنة، وتدعو كل أعضاء اللجنة للاستعداد لخوض كل الأشكال النضالية المشروعة لتحقيق الملف المطلبي للدكاترة الموظفين المتمثل في تغيير الإطار وإعطاء شهادة الدكتوراه وحاملها المكانة التي تليق بهما.)
تبقى مطالب دكاترة الوزارة اختبارًا حقيقيًا لالتزام الدولة بـ”تثمين الرأسمال البشري”، في وقت تشتد فيه الحاجة إلى كفاءات علمية لمعالجة اختلالات القطاعات الحيوية. الأسابيع المقبلة ستكشف ما إذا كانت الحلول السياسية ستسبق تصعيد الاحتجاج.