
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في خضمّ صمتٍ مطبقٍ وتجاهلٍ صارخٍ من الجهات المعنية، تطفو على السطح فضيحةٌ جديدةٌ تكشف عن وجهٍ آخر من وجوه الفساد الذي ينخر جسد المجتمع المغربي. هذه المرة، الفساد يتخذ شكلاً أكثر خطورة، حيث تتحول العقارات إلى غنيمةٍ سهلةٍ لعصابات منظمة تعمل تحت سمع وبصر من يفترض أنهم حماة القانون. الأستاذ مراد القطابي، المحامي الشجاع المعروف بمواقفه الصلبة ضد الفساد، كشف النقاب عن شبكة فسادٍ عقاريٍ تعمل في إقليم بنسليمان، مدعومةً من جهاتٍ فاسدةٍ تستغل مناصبها لخدمة مصالحها الشخصية على حساب المال العام وحقوق المواطنين.
في تدويناتٍ مثيرةٍ على صفحته الشخصية على الفيسبوك، وصف الأستاذ مراد القطابي عصابة بنسليمان بأنها “جامعة متعددة الاختصاصات”، حيث تجمع بين التزوير، السطو على العقارات، واستنزاف مخطط المغرب الأخضر. هذه العصابة لا تعمل في الخفاء، بل تتحرك بكل جرأةٍ تحت حمايةٍ مريبةٍ من بعض الجهات التي يفترض أن تكون رقيبةً على تطبيق القانون. بل إن الأستاذ القطابي كشف عن وثائق تثبت تورط عون سلطة برتبة “شيخ” في تسليم شهادات إدارية مزورة لأفراد عائلته (نتوفر على نسخ منها)، مما يسمح لهم بتحويل عقار مملوك على الشياع إلى ملكيةٍ خاصةٍ مزيفة.
الأمر لا يتوقف عند حد التزوير، بل يتعداه إلى إصدار شهاداتٍ عقاريةٍ متناقضةٍ من قبل المحافظة العقارية في بنسليمان. ففي شهر يوليوز، تم تسليم شهادةٍ بعقارٍ بمساحةٍ معينة، وفي شهر غشت، تم تسليم شهادةٍ أخرى لنفس العقار ولكن بمساحةٍ مختلفةٍ وإضافة فيلا! وفي شهر سبتمبر، عادت الشهادة لتصف العقار بنفس مساحة يوليوز ولكن بدون الفيلا! هذا التناقض الصارخ يطرح تساؤلاتٍ كبيرةً عن دور المحافظة العقارية : هل هي جهةٌ رقابيةٌ أم شريكٌ في الجريمة؟
في تفاصيلٍ أكثر إثارةً للصدمة، كشف الأستاذ القطابي عن قضية عقارٍ بمساحة تقارب 50 هكتاراً، تم تحويله من ملكيةٍ مشتركةٍ إلى ملكيةٍ خاصةٍ بناءً على محضرٍ مزور. هذا العقار، الذي كان يملك فيه عون السلطة على الشياع، تم تحويله إلى ملكيةٍ مزيفةٍ لأفراد عائلته وطمس باقي الورثة، مع استخدام شهود زور طبعا ومستنداتٍ مزورة. والأخطر من ذلك، أن الجهات المختصة سلمت رخصة بناءٍ لفيلا فاخرةٍ على هذا العقار، رغم علمها بأن العقار مملوكٌ لأكثر من 100 وريث على الشياع!
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة : من يحمي هذه المافيا العقارية؟ هل هي مصالح مشتركة أم أن هناك جهاتٌ معينةٌ تنال نصيباً من الغنيمة؟ الأستاذ القطابي طرح هذا السؤال بشكلٍ مباشرٍ، مشيراً إلى أن هذه العصابة تعمل تحت حمايةٍ مريبةٍ، مما يسمح لها بالتحرك بكل حريةٍ ودون خوفٍ من المحاسبة. بل إنه تساءل عن دور الجهات التي يفترض أن تكون رقيبةً على تطبيق القانون : هل هي شريكةٌ في الجريمة أم أنها تغض الطرف عن هذه الممارسات الفاسدة؟
وفي خطوةٍ جريئةٍ، أعلن الأستاذ مراد القطابي عن نيته تنظيم ندوةٍ صحفيةٍ لفضح هذه المافيا العقارية، مؤكداً أنه لن يتوقف حتى يتم تحقيق العدالة للضحايا. هذه الخطوة تأتي في إطار سعيه الدؤوب لمحاربة الفساد والمفسدين، وتأكيداً على أن صوت الحق لن يُسكت مهما كانت التحديات.
ففي ظل هذه الأحداث المتسارعة، ينتظر المواطنون تحركاً سريعاً وحاسماً من الجهات المعنية لوقف هذه المافيا العقارية ومحاسبة كل من تورط في هذه الجرائم. فهل ستتحرك الجهات المعنية لاستعادة هيبة القانون، أم أن الفساد سيظل يضرب بقوةٍ في ظل صمتٍ مطبقٍ؟ السؤال يبقى معلقاً، والمواطنون ينتظرون الإجابة.
فهذه الفضيحة ليست مجرد قضية فسادٍ عادية، بل هي صرخةٌ مدويةٌ تكشف عن عمق الأزمة التي يعاني منها المجتمع المغربي. فإما أن تتحرك الجهات المعنية لاستعادة الثقة، أو أن يظل الفساد هو الحاكم الفعلي في ظل غياب العدالة.
وفي ظل هذه الأحداث المتسارعة، ما كان على “موطني نيوز” إلا ربط الاتصال بالمحامي صاحب التدوينات ليؤكد لنا أن كل ما تم نشره صحيح ولا غبار عليه، وأنه هو من ينوب عن الضحايا. وقام بتزويدنا بمجموعة من الوثائق التي تؤكد أننا بالفعل أمام مافيا للعقار، انطلاقًا من الشهادتين الإداريتين اللتين سلمهما عون السلطة برتبة “شيخ”، وحتى الشواهد المحافظة العقارية التي تظهر الاختلاف بين شهر وآخر.
فمن يحمي هذه المافيا؟ وكيف لعون سلطة يملك في نفس العقار، ويعلم جيدًا أنه موضوع مطلب تحفيظ لأزيد من نصف قرن، ومع ذلك يسلم شهادة لأقربائه بأنها لا تتوفر على أي وثيقة، قائلاً بالحرف في الشهادة المسلمة : “إن العقار موضوع الطلب الأنف الذكر غير مدرج ضمن الأملاك المنصوص عليها في المادة 18 من المرسوم رقم 2.08.378 الصادر بتاريخ 28 أكتوبر 2008 بتطبيق أحكام القانون رقم 03.16 المتعلق بخطة العدالة. كما أن هذه الشهادة لا تثبت الملكية الخاصة للعقار، ولا تخول صاحبها الحق في بيع العقار، في مخالفة لمقتضيات المادة 58 من قانون 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات”.
وليس هذا فحسب، ففي تحدي لقانون التعمير، ورغم علم الجهات المختصة بأن العقار مملوك على الشياع وبه أكثر من 100 وريث، ومع ذلك فقد سلموا رخصة لبناء فيلا من طابق أرضي وطابق أول بتاريخ 06.04.2021، ومسبح، وغرفة، ومكان لشواء، وخزان للماء، وبئر. وهي نفس المعلومات التي ظهرت في مطلب التحفيظ بتاريخ 22.08.2024، واختفت من نفس مطلب التحفيظ بتاريخ 26.09.2024.
وفي انتظار ما ستسفر عنه الأبحاث، لنا عودة للموضوع.




الحق يعلى ولا يعلى عليه
اللهم اكثر من أمثال الاستاد
فما احوجنا لهم في هدا الزمان