
المصطفى الجوي – موطني نيوز
ما زالت مدينة “السيبة” بنسليمان تعاني من تفاقم مظاهر الفوضى والعشوائية، حيث تحولت شوارعها وساحاتها إلى سوق مفتوح للباعة الجائلين، الذين توسعوا بشكل غير مسبوق، محتلين كل زاوية ومُعيقين حركة السير والحياة اليومية للسكان. المشهد الذي يزداد قتامة مع كل يوم، يُطرح معه سؤال ملحّ، أين الجهات المعنية من هذا التدهور الذي يهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمدينة؟

بدأت الأزمة مع احتلال الباعة الجائلين لزنقة عين عودة و زنقة أمگالة لتتحول العدوى بعد إستغلال ضعف الجهات المعنية لساحة ثانوية الحسن الثاني، وهو الأمر الذي تمت مباركته -بحسب السكان – عبر غض الطرف الرسمي عن التجاوزات، قبل أن يتحول مسجد “القائد العربي”، الذي لم تُستكمل أشغاله بعد، إلى محطة أخرى للفوضى. فوسط الطريق العام المؤدي إلى المسجد وحي الفرح على مستوى إشارات المرور الضوئية، تشكل سوق عشوائي تُستخدم فيه عربات مُجرورة ومركبات عشوائية، ما تسبب في إغلاق شبه كامل للشارع، وإرباك حركة المرور اليومية.

لا يستطيع الراجلين استعمال الرصيف فيما يمنع الراكبين من الوصول إلى وجهتهم إلا بصعوبة لان العربات تحتل الرصيف و الشارع معا، يقول عبد الإله، أحد سكان الحي، مضيفاً : “حتى الصلاة في المساجد في مدينة الأسواق العشوائية أصبحت مُرهقة بسبب الزحام والعربات المتروكة في كل مكان”.

فلا تقتصر المعاناة على سكان الحي المحيط بالمسجد، بل تمتد إلى قاطني المدينة بأكملها، حيث تُغلق العربات والمظلات التجارية المترامية أطراف الطرق الرئيسية، ما يُحوّل التنقل إلى كابوس يومي. ورغم شكاوى السكان المتكررة، يبدو أن الجهات المسؤولة تتهرب من مواجهة الأزمة. مصادر محلية تؤكد أن ممثلي السلطات المحلية والأمنية يتجنبون حتى المرور عبر هذه المناطق “تفادياً لمواجهة الواقع المُحرج”.

وفي حين تبرر بعض المصادر الرسمية -فضلت عدم الكشف عن هويتها- الصمتَ بـ”تعقيد الإجراءات الإدارية والاجتماعية وغياب الغيرة لدى بعض المسؤولين الإقليميين”، كما يرى مراقبون أن التردد في تطبيق القانون يُغري بمزيد من التجاوزات، خاصة مع غياب بديل مُنظم للباعة، الذين تدفعهم الفوضى وغياب الإجراءات الزجرية إلى احتلال الفضاء العام وكأنه حق مكاسب.

إننا في موطني نيوز نحذر من أن استمرار الوضع على هذا النحو لأنه سيُعمق الأزمة، ويُحوّلها إلى بؤرة للتوتر. وبدوري كمواطن أقول لكل من يهمه الأمر : “العشوائية ليست حلاً لأزمات الاقتصاد، بل هي تعمق الفوضى وتُهدر فرص التنمية. على السلطات أن تتعامل بجدية عبر توفير فضاءات منظمة وتسهيل إجراءات الترخيص، مع ضبط التجاوزات بحزم”.

وبينما تنتظر مدينة “السيبة” تدخلاً عاجلاً، يبقى السؤال : هل ستتحول صيحات السكان إلى صافرة إنذار تُنهي سنوات من الإهمال، أم ستضيع الأصوات في زحام الفوضى كالعادة بدعوى لا يوجد “بديل”؟ وهي العبارة التي باتت تؤسس للفوضى والتسيب في غياب فرض سلطة القانون.

الأزمة في مدينة “السيبة” ليست مجرد مشكلة مرور أو تشوه حضاري، بل هي اختبار حقيقي لإرادة الجهات المعنية في مواجهة التحديات التي تهدد السلامة المجتمعية. فهل من مُنقذ؟