
المصطفى الجوي – موطني نيوز
في خضم التحديات الأمنية المتزايدة، برزت حملات أمنية مكثفة في منطقة مليلة كنموذج متقدم للعمل الاستباقي والشامل في مكافحة الفساد وتعزيز الأمن المجتمعي. جاءت هذه الحملات تحت إشراف مباشر من قيادة الدرك الملكي بعد سيل من المقالات الصحفية والتدوينات الفيسبوكية، لتمثل منعطفًا نوعيًا في استراتيجيات مواجهة الجريمة والممارسات غير المشروعة.
فمنذ انطلاق العمليات، استهدفت القوات الأمنية التابعة لسرية بنسليمان بدقة متناهية مختلف المجالات الملتبسة التي كانت تشكل بؤرًا للنشاط الإجرامي. فقد ركزت الحملات على تفكيك شبكات المخدرات، ومراقبة المشروبات الكحولية غير المرخصة، وملاحقة الممارسات الخطرة مثل استخدام غاز البوتان كبديل للبنزين في المركبات.
هذا التنسيق بين المركز القضائي للدرك الملكي ببنسليمان والمركز الترابي لمليلة كان محوريًا في نجاح هذه العمليات. فقد عملت القوات على مداهمة المقاهي والمناطق المشبوهة، ومراقبة وسائل النقل العمومي بشكل مفاجئ، وضبط المواد المحظورة التي تهدد السلامة العامة.
ولم تقتصر الجهود على الجانب الزجري فحسب، بل امتدت لتشمل التفاعل المجتمعي الإيجابي. فقد لاقت الحملات استحسانًا شعبيًا واسعًا، حيث طالب السكان بتعزيز الإجراءات الأمنية. جاءت مطالبهم متمحورة حول إقامة نقاط تفتيش متنقلة، وتعزيز الوجود الامني، وإطلاق حملات توعوية تستهدف الشباب للحد من الإدمان.
كما كشف قادة الدرك الملكي عن تحديات جديدة تواجه العمل الأمني، منها محاولات بعض الأفراد استغلال ضعف الشباب وسداجتهم لتحقيق مكاسب مالية، وظاهرة تحويل المركبات للعمل بالغاز بطرق غير قانونية. وقد أكدوا على ضرورة مواجهة هذه الممارسات بكل حزم.
فهذه الرؤية المستقبلية للعمل الأمني المنسق تعتمد على التكامل بين المؤسسات، والتعاون مع المجتمع المدني أن وجد، واستخدام التكنولوجيا الحديثة للتنبؤ بالجرائم قبل وقوعها. فالهدف ليس مجرد زجر، بل بناء منظومة أمنية مستدامة تحمي حقوق المواطنين وتصون مستقبل الشباب.
وهكذا تُمثل هذه الحملات نموذجًا متقدمًا للعمل الأمني الاستباقي، حيث يتم الجمع بين الحزم في تطبيق القانون والتفهم العميق للتحديات الاجتماعية. فالأمن ليس مجرد غياب الجريمة، بل هو منظومة متكاملة من الوقاية والتوعية والتعاون المجتمعي.