المصطفى الجوي – موطني نيوز
في مشهدٍ يعكس تصاعداً غير مسبوق للغضب الشعبي، أطلقت ساكنة مدينة الكارة حملةً واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، تندد بما وصفته “صمتاً مريباً” من قبل المركز الترابي للدرك الملكي بمليلة التابع لسرية بنسليمان إزاء الانتشار الكبير لتجارة المخدرات، وخاصة مادة “البوفة”، التي باتت تُباع بشكل علني في المنطقة تحت سمع الجهات الأمنية وبصرها. وجاءت الحملة عبر حسابين بارزين على فيسبوك يحملان اسمي “أخبار الكارة” و”منبر أبناء الكارة”، حيث نشرا سلسلة تدوينات تكشف أسماء تجار مُتورطين في هذه الشبكات، مع تحديد أماكن بيع المخدرات بدقة، مثل مقاهٍ وأزقة مُعينة وخلف السوق، مُرفقة بصور تُوثق العمليات.
وبحسب مراجعة أجرتها “موطني نيوز”، فإن الساكنة يحملون عناصر الدرك الملكي في مليلة مسؤولية تفشي الظاهرة، مُشيرين إلى أن “الجميع يعلم بوجود تجار السموم وأماكن ترويجها، إلا أن رئيس المركز الترابي يبدو عاجزاً عن التحرك، أو متغاضياً بشكل مُتعمد”. ولم تكتفِ الصفحات بنشر الأسماء، بل وجهت تحذيرات ونداءات استغاثة مباشرة للدرك خاصة لقائد السرية، وعليه : “إن كنتم لا تعلمون فأتيناكم بالتفاصيل، وإن كنتم تعلمون فلماذا الصمت؟”.
وتُشير المعطيات إلى أن أزمة المخدرات في مليلة تجاوزت حدود المنطقة لتصبح مصدر تهديد للمناطق المجاورة في إقليم بنسليمان ومدينة الكارة، حيث تحولت مليلية إلى “بوابة رئيسية” لتهريب المواد المخدرة، مدعومةً بفوضى نظام النقل، الذي تعيشه المنطقة بسبب انتشار “الخطافة”، والتي يُشتبه في استخدام بعضها لنقل البضاعة المحظورة. وقد عبّر سكان المنطقة عن مخاوفهم من تحول مليلة إلى “منطقة خطرة” للاستثمار والأمن، وسط تدهور الوضع الاجتماعي وارتفاع نسب الجريمة. وكما يقال : “امارة الدار على باب الدار” فتدخلات ومحجوزات واعتقالات هذا المركز الترابي تدل على مدى قوته وصرامته وتصديه الجريمة.
على الجانب الرسمي، لم يصدر أي رد فعل من رئيس المركز الترابي للدرك الملكي بمليلة، رغم تصاعد الضغط الشعبي والإعلامي، وهو ما فسره نشطاء بأنه “اعتراف ضمني بالعجز أو التواطؤ”. وفي ظل هذا الصمت، ناشدت “موطني نيوز” القيادات الأمنية الجهوية والإقليمية بالتدخل العاجل، مؤكدةً نيتها نشر المزيد من الأسماء والتفاصيل في تقارير لاحقة.
وبالتالي تُعيد أزمة مليلة إلى الواجهة إشكالية عميقة في العلاقة بين المواطن والمؤسسات الأمنية في عدد من المناطق المغربية، حيث يترسخ الشعور بـ”انعدام الثقة” كلما طال انتظار التحقيقات الرسمية. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح الآن: هل ستتحرك الجهات المعنية لاحتواء الكارثة قبل أن تتفاقم؟ أم أن الحملة الإلكترونية ستكون شرارةً لاحتجاجات أوسع؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة، لكن المؤكد أن الساكنة لم تعد مستعدة للصمت، وقد بدأت تُحاسب المسؤولين علناً عبر منصات رقمية باتت سلاحاً لا يُستهان به.
وللحديث بقية…