المصطفى الجوي – موطني نيوز
في إطار الصفقة رقم 01/2024، وبغلاف مالي مهم قدره 18,2 مليون درهم، أُطلق مشروع تأهيل مركز جماعة سيدي بطاش في إقليم بنسليمان، تحت إشراف الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع لجهة الدار البيضاء سطات. هذا المشروع، الذي كان من المفترض أن يكون نموذجًا للتنمية المحلية، تحول إلى ساحة من التساؤلات والانتقادات الحادة حول جودة التنفيذ واحترام المواصفات الفنية، خاصة فيما يتعلق بأشغال التعبيد والتبليط على طول 1,3 كيلومتر.
منذ البداية، كان المشروع طموحًا بتمويل مشترك بين جهة الدار البيضاء سطات (15 مليون درهم) والمجلس الإقليمي لبنسليمان (3,2 مليون درهم)، مع تحديد جدول زمني لا يتجاوز 8 أشهر، ابتداءً من 4 مايو 2024. لكن، وكما يقول المثل، “تجري الرياح بما لا تشتهي السفن”، فقد تعثر المشروع بشكل كبير، ولم يتمكن من الوفاء بالموعد النهائي المحدد في 4 يناير 2025. هذا التأخير يطرح تساؤلات جادة حول إدارة المشروع ومدى التزام المقاول والجهات المشرفة بالمواصفات الفنية والزمنية من بينهم تقني الجماعة.
أحد أهم جوانب المشروع، والذي أثار جدلاً واسعًا، هو الشق المتعلق بتعبيد الطريق وأشغال التبليط. فبحسب المواصفات الفنية المعتمدة في مثل هذه المشاريع، كان من المفترض أن تخضع الأشغال لدراسات أولية دقيقة، تشمل المسح الطبوغرافي ودراسة خصائص التربة، بالإضافة إلى تجهيز مسار الطريق بتسوية الأرض وإزالة العوائق وضبط المنسوب وفق التصاميم المعتمدة. كما كان من المفترض أن يتم دك التربة الأصلية بدرجة كثافة لا تقل عن 95%.
لكن، وبحسب المعلومات المتوفرة، يبدو أن هذه المواصفات لم تُحترم بالشكل المطلوب. فهل تم إجراء الدراسات الأولية بشكل دقيق؟ وهل تم احترام طبقات الطريق من الأسفل إلى الأعلى، بدءًا من طبقة ما تحت الأساس (couche de forme) التي يجب أن تتراوح سماكتها بين 30 و50 سم، وتكون خالية من المواد العضوية، وبنسبة دك لا تقل عن 95%؟ مرورًا بالطبقة الأساس (couche de base) التي تتطلب شروطًا مماثلة، ووصولًا إلى طبقة الإسفلت التي يجب أن تتوفر فيها شروط تقنية صارمة، مثل سماكة الطبقة الرابطة (7 إلى 10 سم) والطبقة السطحية (4 إلى 6 سم)، مع درجة حرارة خلط تتراوح بين 150 و160 درجة مئوية؟
في ظل هذه التساؤلات، يحق لنا أن نتساءل: هل تم احترام دفتر التحملات المصادق عليه؟ وهل تمت مراقبة جودة المواد المستخدمة ومراحل التنفيذ بشكل دقيق؟ وما هي الضمانات التي ستقدمها الوكالة الجهوية والمقاول للجماعة المحلية على قوة وصلابة الطريق، خاصة في ظل المؤشرات التي توحي بأن هذه الطريق لن تصمد لفترة طويلة؟
في الوقت الذي كان من المفترض أن يكون مشروع تأهيل مركز جماعة سيدي بطاش نموذجًا للتنمية المحلية، تحول إلى مثال على الإخفاقات الإدارية والفنية. فهل ستتخذ الجهات المعنية إجراءات عاجلة لتصحيح المسار وإعادة النظر في جودة التنفيذ؟ أم أن الأموال العامة ستُهدر مرة أخرى دون تحقيق النتائج المرجوة؟
في النهايةليبقى السؤال الأكبر: متى ستتعلم الجهات المعنية من أخطاء الماضي، وتلتزم بالشفافية والجودة في تنفيذ المشاريع التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر؟ فالشعب يستحق أكثر من وعود فارغة ومشاريع متعثرة.