
المصطفى الجوي – موطني نيوز
يكشف التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة عن واقع مقلق يعتري الإدارة المغربية، حيث تحولت من دورها المفترض كحاضنة للإصلاح إلى عنصر معرقل له، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول مستقبل الإصلاحات الإدارية والتنموية في المملكة. ويسلط التقرير الضوء على جملة من الاختلالات والتحديات التي تواجه المواطن المغربي في تعامله اليومي مع الإدارة، وكذلك المستثمرين الذين يجدون أنفسهم في مواجهة بيروقراطية ثقيلة تعيق مشاريعهم وتطلعاتهم.
وتبرز المعطيات المقدمة في التقرير استمرار الإدارة في ممارسات سبق التنبيه إليها في تقارير سابقة، حيث أصبح البحث عن مبررات للتعثرات أكثر استنزافاً من السعي لتحسين صورة الإدارة لدى المرتفقين. وتتجلى هذه الإشكالية بشكل خاص في مجال الاستثمار، حيث تشير الشكاوى المتواصلة إلى صعوبات جمة في الاستفادة من التحفيزات والتسهيلات والإعفاءات الضريبية المقررة للمستثمرين، رغم وجود ميثاق للاستثمار كإطار مرجعي.
ويتجلى عمق الأزمة في تعقيد الإجراءات وبطء المساطر الإدارية، وهي مشكلة مزمنة لم تفلح التوصيات السابقة في معالجتها. فعلى سبيل المثال، يواجه أصحاب المشاريع صعوبات جمة في إنشاء مقاولاتهم والحصول على التراخيص الإدارية اللازمة، مما يؤثر سلباً على مناخ الأعمال وجاذبية الاستثمار في المغرب.
ويبرز برنامج “فرصة” كنموذج صارخ لهذه الاختلالات، حيث سجل عدداً قياسياً من التظلمات. والأخطر من ذلك أن المتضررين من هذا البرنامج وجدوا أنفسهم خارج مظلة الحماية الاجتماعية بشكل تلقائي، مما حرمهم من امتيازات الدعم والتغطية الصحية والرعاية الاجتماعية. هذا الوضع يكشف عن خلل عميق في تصميم وتنفيذ البرامج الاجتماعية، حيث تتحول المبادرات الهادفة إلى دعم المواطنين إلى مصدر لمعاناتهم.
وتمتد الاختلالات لتشمل مجالات حيوية أخرى كالشرطة الإدارية وتأهيل المدن وتفعيل وثائق التعمير ومشاريع نزع الملكية. كما يشكو التقرير من ضعف التنسيق الإداري والإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين المرتفقين والموظفين، فضلاً عن المشاكل المرتبطة بتسليم الرخص والوثائق الإدارية. ولعل أبرز ما يثير القلق هو استمرار ظاهرة عدم رد الإدارة على المراسلات والشكاوى والتظلمات المرفوعة إليها.
وفيما يخص ورش الدعم الاجتماعي المباشر، يكشف التقرير عن اختلالات خطيرة تتعلق بالنصوص التنظيمية المعتمدة، والتي تؤدي إلى إقصاء مستحقين للدعم لمبررات غير موضوعية. كما يطرح إشكالية مهمة تتعلق بالتغطية الصحية للمستفيدين من الدعم المباشر، حيث إن الاستفادة من هذا الدعم تؤدي آلياً إلى حرمانهم من التغطية الصحية ما لم يؤدوا واجب المساهمة في التأمين الإجباري عن المرض.
وفي محاولة لمعالجة هذه الإشكاليات، تقدمت مؤسسة وسيط المملكة بمجموعة من المقترحات للحكومة، شملت قضايا التعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة، وتكريس حق الأطفال في وضعية إعاقة في التربية الدامجة، وإصلاح برنامج “فرصة”. وقد تفاعلت الحكومة مع بعض هذه المقترحات، حيث أعلن رئيس الحكومة عن توقيع اتفاقيات مع مؤسسات بنكية لمواكبة المشاريع المعلقة، وتوجيه الولاة والعمال لإحالة حاملي المشاريع الشباب على برامج تمويل بديلة.
غير أن بعض المقترحات المهمة لم تلق التجاوب المطلوب، خاصة تلك المتعلقة بتقييم الصعوبات التي واجهت متضرري الحوز في الولوج إلى الخدمات الارتفاقية، وكذلك المقترحات المتعلقة ببرنامج دعم السكن وتظلمات الفئات الهشة. هذا التفاوت في التعامل مع المقترحات يطرح تساؤلات حول مدى جدية الحكومة في معالجة الاختلالات الإدارية الهيكلية.
إن تجاوز هذه التحديات يتطلب إصلاحاً شاملاً وعميقاً للإدارة المغربية، يقوم على تبسيط المساطر الإدارية، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. كما يستدعي تطوير الكفاءات البشرية وتحديث الأنظمة المعلوماتية، وتعزيز التنسيق بين مختلف المؤسسات الإدارية. فالرهان اليوم هو تحويل الإدارة المغربية من عائق للتنمية إلى محرك حقيقي للإصلاح والتحديث، بما يخدم مصالح المواطنين ويساهم في تحقيق التنمية المستدامة للمملكة.
ويبقى السؤال المطروح : هل ستنجح الحكومة في تجاوز هذه التحديات وتحقيق التحول المنشود في الإدارة المغربية، أم أن المقاومة البيروقراطية والممارسات المتجذرة ستستمر في إعاقة مسيرة الإصلاح؟ الإجابة على هذا السؤال تتوقف على مدى توفر الإرادة السياسية الحقيقية والقدرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية بشكل فعال وشامل. وإصلاح الأرقام المخيفة التي خرجت بها المؤسسات الدستورية كمؤسسة الوسيط، المندوبية السامية للتخطيط و هيئة الرشوة.
وبالتالي لابد من تجاوز الحكومة الحالية الذي يبدوا انه صعب وهو فشل الادارة في الاصلاح بل تحولت الى معرقلة للاصلاح، ثم رقم 97% أصبحت مدركة الفساد سنة 2023 بعدما كانت 73% في سنة 2018 وضياعنا لخمسة نقط. بالاضافة الى الرقم المرعب الذي وصلت له البطالة في البلاد بتجاوزها لي 21%.