المصطفى الجوي – موطني نيوز
عندما يتعلق الأمر بـ “حق الاحتفاظ ببيت الزوجية” بعد وفاة أحد الزوجين، نجد أنفسنا أمام إشكالية قانونية وشرعية تستحق التمحيص والدراسة المتأنية. فهذا المصطلح المستحدث يثير العديد من التساؤلات الجوهرية حول طبيعته القانونية وآثاره على منظومة الميراث الشرعية.
وتكمن المشكلة الأساسية في غموض هذا المفهوم وعدم استناده إلى أسس فقهية راسخة أو قواعد قانونية واضحة. فهل يُقصد به تمليك تلقائي للعقار؟ أم هو مجرد حق انتفاع مؤقت؟ وكيف يمكن التوفيق بين هذا الحق المستحدث وبين قواعد الميراث الثابتة في الشريعة الإسلامية؟
ومما يزيد الأمر تعقيداً تلك الحالات العملية التي تتطلب إجابات واضحة: كيف يتم التعامل مع هذا الحق في حال زواج الطرف الباقي على قيد الحياة؟ وما مصير حقوق الورثة الآخرين كالأبناء والوالدين؟ خاصة في ظل واقع اقتصادي يشهد على أن المسكن غالباً ما يمثل الجزء الأكبر من التركة.
إن الحاجة ملحة لوضع إطار تشريعي واضح يوازن بين حماية الطرف الباقي على قيد الحياة وبين حقوق باقي الورثة الشرعيين. فالحل يجب أن يراعي المقاصد الشرعية في حفظ الحقوق وتحقيق العدل، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة.
إن هذا الموضوع الذي جاءت به مدونة الأسرة يستدعي مراجعة شاملة من قبل المختصين في الفقه والقانون، مع ضرورة إيجاد حلول عملية تحفظ الحقوق وتمنع النزاعات. فلا يمكن تجاهل أن المسكن في عصرنا الحالي يمثل ثمرة كفاح وادخار سنوات طويلة، مما يجعل مصيره بعد وفاة أحد الزوجين قضية جوهرية تستحق التنظيم الدقيق والعادل.