المصطفى الجوي – موطني نيوز
في ظل أزمة مائية خانقة تعصف بالمغرب، وفي تحدٍ صارخ للتوجيهات الملكية السامية التي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يؤكد من خلالها على ضرورة الحفاظ على الثروة المائية وترشيد استهلاكها، تتواصل مسلسلات استنزاف هذا المورد الحيوي بشكل يثير الاستغراب والقلق في آن واحد.
وفي واقعة تعكس استهتاراً صارخاً بهذه التوجيهات الملكية وتجاهلاً تاماً للأزمة التي تعيشها البلاد، رصدت عدسة موطني نيوز مؤخراً فصلاً جديداً من فصول هذا الاستنزاف المنظم في جماعة شراط بإقليم بنسليمان. حيث تم توثيق عمليات سرقة منتظمة للمياه الصالحة للشرب تقوم بها شاحنة تحمل رقم التسجيل “28036 – و – 1″، في مشهد يتكرر يومياً دون حسيب أو رقيب.
والمثير في الأمر أن هذه الشاحنة تقوم باستغلال أحد الأنابيب المخصصة أساساً للحرائق في تجزئة سكنية قيد الإنشاء، حيث يتم سحب ما يزيد عن 18 طناً من المياه الصالحة للشرب يومياً. وتزداد خطورة الأمر عندما نعلم أن هذه الشاحنة ليست تابعة للجماعة، رغم أن العداد والمياه المستهلكة تحتسب على ميزانية جماعة شراط، ما يعني استنزافاً مزدوجاً للمال العام والموارد المائية في آن واحد.
وفي مفارقة غريبة، يبدو أن رئيس جماعة شراط له رأي خاص في هذا الموضوع، متجاهلاً عن قصد خطورة الوضع ومتحدياً كل الجهات المسؤولة. هذا الموقف يطرح تساؤلات عديدة حول دور السلطة المحلية وأعينها التي يفترض أنها لا تنام. فإذا كانت عمليات سحب المياه هذه تتم بشكل يومي ومنتظم، فكيف يمكن تفسير صمت المسؤولين المحليين وتغاضيهم عن هذه الممارسات؟
والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا: إذا افترضنا جدلاً أن أصحاب هذه الشاحنة بريئون من تهمة السرقة، فمن هي الجهة التي منحتهم الضوء الأخضر لاستغلال كل هذه الكميات الهائلة من المياه الصالحة للشرب في عز الأزمة؟ وما هو موقف السيد الوالي محمد أمهيدية والسيد العامل سمير اليزيدي من هذا الإجهاد الممنهج للموارد المائية؟
إن هذا الوضع يستدعي تدخلاً عاجلاً من كافة المسؤولين لفتح تحقيق معمق يكشف ملابسات هذه القضية ويحدد الجهات المتورطة فيها. فلا يعقل أن تستمر مثل هذه الممارسات في ظل أزمة مائية خانقة تهدد مستقبل البلاد، وفي وقت تتعالى فيه الأصوات المنادية بضرورة ترشيد استهلاك المياه والحفاظ على هذا المورد الحيوي.
إن المسؤولية اليوم تقع على عاتق كل الجهات المعنية، من سلطات محلية ومنتخبين ومسؤولين أمنيين، للتحرك العاجل ووضع حد لهذه التجاوزات التي تضرب عرض الحائط بكل التوجيهات الملكية السامية وتهدد مستقبل الأجيال القادمة. فالحفاظ على الثروة المائية ليس مجرد شعار يرفع، بل هو مسؤولية وطنية تستدعي تضافر جهود الجميع لحمايتها وصيانتها.