المصطفى الجوي – موطني نيوز
تشهدت الساحة القانونية المغربية تطوراً لافتاً مع تقديم المحامي عز الدين فدني شكوى رسمية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بالرباط، موجهة ضد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، في قضية تثير جدلاً واسعاً حول حدود حرية التعبير وعلاقتها باستقلال القضاء.
وتأتي هذه الشكوى في سياق حساس، حيث تستند إلى وقائع محددة تتعلق بتصريحات أدلى بها الوزير عبر وسائل إعلامية مختلفة، أبرزها مقابلة تلفزيونية على قناة ميدي 1، وتصريحات أخرى في صحيفة “صوت المغرب The VOICE” خلال برنامج “ضفاف الفنجان”. وقد أثارت هذه التصريحات جدلاً قانونياً حول مدى تأثيرها على سير العدالة وتجاوزها للخطوط الحمراء في التعليق على القضايا المعروضة أمام القضاء.
ويستند المحامي في دعواه إلى المادة 82-9 من قانون المسطرة الجنائية، مشيراً إلى مخالفتين رئيسيتين: الأولى تتعلق بالتأثير على القضاء، حيث تنص المادة 266 من القانون الجنائي على تجريم أي محاولة للتأثير على سير العدالة قبل صدور الحكم النهائي. أما المخالفة الثانية فتتعلق بالإساءة للدين الإسلامي، وهي مخالفة تستوجب عقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة المالية وفقاً للمادة 267-5 من القانون الجنائي.
وتكتسب القضية أهمية خاصة نظراً لمنصب المشتكى به كوزير للعدل وعضو في الحكومة المغربية، مما يثير إشكالية التوازن بين حرية التعبير التي يتمتع بها المسؤولون الحكوميون من جهة، وواجب احترام استقلالية القضاء وحماية المشاعر الدينية من جهة أخرى. وقد عزز المحامي شكواه بأدلة موثقة تشمل تسجيلات إعلامية للقاءات الوزير، ونسخة من حكم ابتدائي صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط، إضافة إلى مذكرة جوابية تفصل المخالفات المزعومة.
ويطالب المحامي في شكواه الوكيل العام للملك بإجراء تحقيق شامل في الوقائع المبلغ عنها، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وفقاً للمادة 265 من قانون المسطرة الجنائية. كما يشدد على ضرورة تطبيق مبدأ المساواة أمام القانون، بغض النظر عن المنصب أو المكانة الاجتماعية للمشتكى به.
وتجدر الإشارة إلى أن القضية تتجاوز في أبعادها النزاع القانوني المباشر لتطرح تساؤلات جوهرية حول طبيعة العلاقة بين السلطة التنفيذية والقضائية في المغرب، وحدود حرية التعبير للمسؤولين الحكوميين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتعليق على قضايا معروضة أمام القضاء. كما تسلط الضوء على حساسية التعامل مع القضايا ذات البعد الديني في المجتمع المغربي.
وفي خضم هذه التطورات، يترقب المراقبون والمهتمون بالشأن القانوني مآل هذه القضية التي تشكل اختباراً حقيقياً لمبادئ العدالة واستقلال القضاء في المغرب، وقد تؤسس لسوابق قضائية مهمة في مجال التعامل مع تصريحات المسؤولين الحكوميين وتأثيرها على سير العدالة.