المصطفي الجوي – موطني نيوز
في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة الفنيدق، والتي أدت إلى اعتقال 152 شخصًا متورطًا في قضايا الهجرة السرية، تتكشف لنا صورة قاتمة عن واقع إدارة الشأن العام في المغرب. هذه الأزمة ليست سوى نتيجة حتمية لسنوات من الإهمال وسوء التدبير والتجويع من قبل المسؤولين في مختلف المستويات.
لقد أثارت هذه الأحداث غضبًا ملكيًا شديدًا، وهو رد فعل مفهوم تجاه هذا الفشل الذريع. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستكون هذه الغضبة كافية لإحداث تغيير حقيقي في المنظومة الإدارية المتهالكة؟ وهل ستطال كبار المسؤولين أم سيكون لها أكباش كقربان لتفادي الغضبة الملكية.
إن حالة الذعر التي تنتاب المسؤولين حاليًا تكشف عن ثقافة الخوف السائدة في أوساط الإدارة المغربية. فبدلاً من العمل الجاد والمسؤول لخدمة المواطن، نجد هؤلاء المسؤولين يهتمون فقط بالحفاظ على مناصبهم ومصالحهم الشخصية. هذه العقلية هي جوهر المشكلة التي تعاني منها البلاد.
ومع اقتراب موعد التعديل الحكومي المرتقب، نجد أنفسنا أمام فرصة حقيقية لإحداث تغيير جذري. ولكن هل سيكون هذا التعديل مجرد تغيير للوجوه دون المساس بجوهر المشكلة؟ إن ما نحتاجه هو إصلاح شامل للمنظومة الإدارية، يقوم على أساس الكفاءة والمحاسبة والشفافية.
لأنه من غير المقبول ان يعيش المغرب على وقع هجرة جماعية لشبابنا وحتى الاطفال وغيرهم امام الاعداء و الاصدقاء لدرجة اننا اصبحنا حديث الصحافة العالمية، فما تعرضنا له يوم 15 شتنبر الجاري كان مخجلا لدرجة مقززة.
إن عقد مجلس وزاري بحضور جلالة الملك قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنه لن يكون كافيًا ما لم يتبعه إجراءات عملية وحاسمة في اطار ربط المسؤولية بالمحاسبة. فالمطلوب هو وضع آليات فعالة لمراقبة أداء المسؤولين ومحاسبتهم بشكل مستمر، وليس فقط عند وقوع الكوارث.
إن أزمة الهجرة السرية الجماعية في الفنيدق ليست سوى عرض لمرض أعمق يصيب جسد الإدارة المغربية. والعلاج الحقيقي يكمن في إعادة النظر في كيفية إدارة الشأن العام، وترسيخ ثقافة المسؤولية والمحاسبة. فهل سيكون لدى صناع القرار الشجاعة الكافية لاتخاذ الخطوات اللازمة لهذا الإصلاح الجذري؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.