المصطفى الجوي – موطني نيوز
سألت “روبرتا” ذات يوم قلت لها:
ما الذى يبقيكِ فى خدمة رجل ثمل طوال الليل ألا تخشين عبثى عندما تأخذ الخمر بعقلى؟
ضحكت ثم قالت: يا سيدى كل الذين حاولوا انتهاك جسدى لم يكن يشربون الخمر.
لم أر واحداً منهم ثملاً. كانوا يقرؤون ويكتبون ويسْدون النصيحة ويقْطرون بالحكمة ويرسمون الصليب طوال الوقت. وحدكَ أنتَ لم تحاول.
قلت: كيف؟!
هل تصفين لى كيف أكون فى ثمالتى وكيف تطمئنين إليَّ؟
قالت روبرتا:
عندما تأخذك الثمالة تبكى وتردد أشياءً أكاد أن أدونها من فرط إحساسها.
قلت: هل تذكرين منها شيئاً؟
قالت: نعم. تُقسم لإمراة أنكَ لا تزال تحبها ولن تحب سواها.
(بالطبع كان يردد اسم زوجته الشابة التى توفيت من الكوليرا)
قلت: وما الذى يطمئنكِ فى هذا.
قالت: اللاشعور يا سيدى …!
فقلت مندهشاً: ماذا تقصدين باللاشعور؟
قالت: لقد قرأت أننا عندما نغيب عن الوعى تتحكم فينا قوى أعظم وأصدق لا تكذب أبداً، لأننا ببساطة نكون فاقدين السيطرة عليها.
كل شئ فقد الإنسان السيطرة عليه لا يكذب. كل حماقات العالم جاءت من الكذب باسم الوعى يا سيدى.
أنتَ فى ثمالتك أصدق من كل الأكاذيب التى رأيتها من أناس يكذبون باسم الوعى..
“أنطون تشيخوف”
في هذا الحوار الفلسفي العميق، يستكشف الكاتب الروسي الشهير أنطون تشيخوف طبيعة الصدق والكذب في العلاقات الإنسانية من خلال محادثة غير متوقعة بين سيد وخادمته روبرتا. يبدأ الحوار بسؤال استفزازي من السيد حول سبب بقاء روبرتا في خدمته رغم حالات سكره، لتنكشف حقائق مدهشة عن تجارب روبرتا السابقة والطبيعة البشرية.
يتناول الحوار مواضيع عميقة مثل الثقة، والصدق في حالة الثمالة مقابل النفاق في حالة الوعي، ومفهوم اللاشعور وتأثيره على سلوكيات الإنسان. من خلال إجابات روبرتا الحكيمة والمفاجئة، يقدم تشيخوف رؤية ثاقبة حول الطبيعة البشرية والعلاقات بين الطبقات الاجتماعية المختلفة في ذلك العصر.
هذا النص يدعو القارئ للتفكير في مفاهيم الصدق والكذب، والوعي واللاوعي، وكيف يمكن أن تكون الحقيقة أحياناً أكثر وضوحاً في لحظات ضعفنا أكثر من أوقات قوتنا الظاهرية.