المصطفى الجوي – موطني نيوز
في خطوة تاريخية تُعد بمثابة نقطة تحول في مسار إصلاح القطاع الصحي بالمملكة المغربية، وقّع وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت طالب، يوم الثلاثاء 23 يوليوز 2024، محضر اتفاق شامل مع النقابات الممثلة في قطاع الصحة. هذا الاتفاق، الذي جاء بتفويض من رئيس الحكومة، يُمثل خطوة جبارة نحو تحقيق رؤية ملكية طموحة لتعميم الحماية الاجتماعية وإصلاح جذري للمنظومة الصحية الوطنية.
يأتي هذا الاتفاق كثمرة لحوار اجتماعي مكثف ومسؤول، حيث شمل ستة نقابات رئيسية في القطاع الصحي، مما يعكس إجماعاً غير مسبوق على ضرورة تحسين أوضاع العاملين في القطاع وتطوير الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
ومن أبرز ما تضمنه الاتفاق إقرار زيادات مالية هامة للعاملين في القطاع، حيث سيستفيد الأطر التمريضية من زيادة شهرية قدرها 500 درهم صافية، في حين ستحصل الأطر الإدارية والتقنية على زيادة قدرها 200 درهم صافية. هذه الزيادات، التي ستدخل حيز التنفيذ ابتداءً من فاتح يوليوز 2025، تأتي في إطار التعويض عن الأخطار المهنية وتقديراً لخصوصية العمل في القطاع الصحي.
لكن الاتفاق لم يقتصر على الجانب المادي فحسب، بل شمل أيضاً تحسين شروط الترقي وإحداث درجات جديدة، وإقرار مباريات مهنية داخلية، ومراجعة نظام التعويضات عن الحراسة والإلزامية والمداومة. كما تضمن الاتفاق إجراءات لتحسين الوضعية الاعتبارية لمهنيي الصحة، مع الحفاظ على جميع الحقوق والمكتسبات السابقة وإضافة مكتسبات جديدة في إطار الوظيفة الصحية.
ومن الجدير بالذكر أن الاتفاق يولي اهتماماً خاصاً بفئات معينة من العاملين في القطاع، مثل خريجي المدرسة الوطنية للصحة العمومية والمعهد الوطني للإدارة الصحية، وأطباء الشغل، وطلبة المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة.
إن هذا الاتفاق يمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق السلم الاجتماعي في القطاع الصحي، وهو ما سينعكس إيجاباً على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. كما أنه يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون البناء بين الوزارة والنقابات، حيث التزم الطرفان بالعمل المشترك لإنجاح مختلف الأوراش الإصلاحية للمنظومة الصحية الوطنية.
وفي الختام، يبقى التحدي الأكبر هو ترجمة بنود هذا الاتفاق إلى واقع ملموس، وهو ما سيتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من وزارة وعاملين ونقابات، لضمان تنفيذ فعال وناجع لهذه الإصلاحات الطموحة. فالرهان اليوم هو على تحقيق نقلة نوعية في القطاع الصحي تليق بتطلعات المواطنين وترقى إلى مستوى التحديات الصحية الراهنة والمستقبلية.