المصطفى الجوي – موطني نيوز
في عالم تسوده الطموحات الكبرى والتحديات المعقدة، تلعب القيادة دورًا محوريًا في توجيه مسار التنمية وتحقيق التقدم. ولكن، ماذا يحدث عندما يتولى مناصب القيادة أشخاص غير مؤهلين، سواءً من الناحية الأخلاقية أو المعرفية؟ هل يمكن لمثل هؤلاء الأفراد أن يسهموا في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار المجتمعي؟
فقاتل التنمية الحقيقي هو ذلك الشخص الذي يدرك جيدًا ضعف قدراته المعرفية ولكنه يتطاول على مهام عظيمة، وهو يعلم مسبقًا أنه غير مؤهل لتحملها بجدارة ومسؤولية.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة))، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة.
وهذه الظاهرة تتجلى بشكل واضح عندما يتقدم شخص أمي أو تاجر مخدرات أو محتمي بالرياضة أو مغتصب فتيات وقاصرين لمنصب نائب برلماني أو رئيس جماعة. في هذه الحالة، يثور السؤال المهم : ما هي القيمة المضافة التي يمكن أن يقدمها هذا الشخص؟ هل لديه القدرة على إبداع برامج تنموية والحرص على تنفيذها؟ هل يعرف معنى الأمانة والمسؤولية؟ ام أن قاموسه لا يضم سوى النهب والسلب.
فمن الطبيعي أن يكون الشخص غير المؤهل عاجزًا عن إنتاج مشاريع قوانين فعالة أو عن زلزلة البرلمان بمرافعات قوية ضد السلوكيات المنحرفة للحكومة كصاحب “كشة مشة هشة” الذي ادين في النهاية بتبديد أموال عمومية وبالتالي عزله.
هذه المهام يا سادة يا أيها المشرع تتطلب فهماً عميقاً للنظام القانوني، وقدرة على التحليل والنقد، ومهارات في التعبير والإقناع. علاوة على ذلك، فإن مراقبة العمل الحكومي تتطلب دقة وانتباه ومعرفة بالتفاصيل الإدارية والتشريعية، وهي مهارات يفتقر إليها الشخص غير المؤهل وهم بالمناسبة كثر في بلادنا.
أما على صعيد آخر، يلعب البرلماني دورًا مهمًا في الدبلوماسية البرلمانية، والتي تتطلب قدرات تفاوضية وفهمًا للعلاقات الدولية ومعرفة بثقافات الدول الأخرى. ومن المؤكد أن الشخص غير المؤهل لا يمكنه الإسهام بفاعلية في هذا المجال، مما يضعف موقف الدولة على الساحة الدولية ويعطل جهود التنمية.
إذن، قاتل التنمية هو ذلك الشخص الذي يسعى إلى تولي مناصب قيادية دون أن يكون لديه المؤهلات اللازمة للقيام بها بجدارة ومسؤولية. هذا النوع من الأشخاص لا يشكل فقط عائقًا أمام تحقيق التقدم، بل يمكن أن يسهم بشكل مباشر في تدهور الأوضاع وزيادة الفساد وتعطيل مسار التنمية.
لهذا أقول كمواطن مغربي، يجب أن نتوخى الحذر في اختيار من يتولى المناصب القيادية، وكلامي موجه للأحزاب التي باتت كسوف للنخاسة سوق لايهمه الكيف بقدر ما يعتمد على الكم. وأن نضع في الاعتبار ضرورة توفر الكفاءة والمعرفة والنزاهة في الشخص المرشح. فقط من خلال اختيار الأشخاص المؤهلين وهذا وللأسف الشديد بات عملة نادرة.
يمكننا ضمان تحقيق تنمية مستدامة وشاملة تسهم في رفع مستوى المعيشة وتعزيز الازدهار المجتمعي. لأن مكافحة قاتلي التنمية تبدأ من الوعي بمدى خطورة هذه الظاهرة والعمل على منعها من خلال تفعيل دور الرقابة والمساءلة وتعزيز قيم النزاهة والكفاءة في مؤسساتنا. إلى جانب تعديل قانون الإنتخابات للحيلولة دون ترشح لصوص المال العام وتجار المخدرات ومغتصبي الاطفال والمتهربين من الضرائب والقائمة طويلة.